للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجع أبو سفيان بقريش لجدب ذلك العام فلم يكونوا ليأتوا الى المدينة بعد شهرين، فتعين أن الخندق في شوال من سنة خمس والله أعلم. وقد صرح الزهري بان الخندق كانت بعد أحد بسنتين ولا خلاف أن أحدا في شوال سنة ثلاث الا على قول من ذهب الى أن أول التاريخ من محرم السنة الثانية لسنة الهجرة، ولم يعدوا الشهور الباقية من سنة الهجرة من ربيع الأول الى آخرها كما حكاه البيهقي. وبه قال يعقوب بن سفيان الفسوي وقد صرح بان بدرا في الاولى، وأحدا في سنة ثنتين، وبدر الموعد في شعبان سنة ثلاث، والخندق في شوال سنة أربع. وهذا مخالف لقول الجمهور فان المشهور أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جعل أول التاريخ من محرم سنة الهجرة، وعن مالك من ربيع الأول سنة الهجرة، فصارت الأقوال ثلاثة والله أعلم. والصحيح قول الجمهور أن أحدا في شوال سنة ثلاث، وأن الخندق في شوال سنة خمس من الهجرة والله أعلم.

فاما الحديث المتفق عليه في الصحيحين من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه قال: عرضت على رسول الله يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزنى، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني، فقد أجاب عنها جماعة من العلماء منهم البيهقي بانه عرض يوم أحد في أول الرابعة عشرة، ويوم الأحزاب في أواخر الخامسة عشرة. قلت: ويحتمل أنه أراد أنه لما عرض عليه في يوم الأحزاب كان قد استكمل خمس عشرة سنة التي يجاز لمثلها الغلمان، فلا يبقى على هذا زيادة عليها. ولهذا لما بلّغ نافع عمر بن عبد العزيز هذا الحديث قال: ان هذا الفرق بين الصغير والكبير. ثم كتب به الى الآفاق واعتمد على ذلك جمهور العلماء والله أعلم وهذا سياق القصة مما ذكره ابن إسحاق وغيره. قال ابن إسحاق: ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس. فحدثني يزيد بن رومان عن عروة ومن لا أتهم عن عبيد الله بن كعب بن مالك ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبى بكر وغيرهم من علمائنا وبعضهم يحدث ما لا يحدث بعض. قالوا: إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم إسلام بن أبى الحقيق النضري وحيي بن أخطب النضري وكنانة بن الربيع بن أبى الحقيق وهوذة بن قيس الوائلى وأبو عمار الوائلى في نفر من بنى النضير ونفر من بنى وائل وهم الذين حزّبوا الأحزاب على رسول الله ، خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة فدعوهم الى حرب رسول الله وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر يهود انكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه، فهم الذين أنزل الله فيهم ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>