للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمَنُوا سَبِيلاً، * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً الآيات. فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم اليه من حرب رسول الله ، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم الى حرب النبي وأخبروهم أنهم يكونون معهم عليه وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك واجتمعوا معهم فيه، فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بنى فزارة، والحارث بن عوف بن أبى حارثة المري في بنى مرة ومسعر بن رخيلة بن نويرة ابن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع. فلما سمع بهم رسول الله وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة قال ابن هشام: يقال ان الّذي أشار به سلمان. قال الطبري والسهيليّ: أول من حفر الخنادق منوشهر بن إيرج بن أفريدون وكان في زمن موسى . قال ابن إسحاق: فعمل فيه رسول الله ترغيبا للمسلمين في الأجر، وعمل معه المسلمون، وتخلف طائفة من المنافقين يعتذرون بالضعف، ومنهم من ينسلّ خفية بغير اذنه ولا علمه . وقد أنزل الله تعالى في ذلك قوله تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اِسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاِسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، * أَلا إِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قال ابن إسحاق: فعمل المسلمون فيه حتى أحكموه، وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له جعيل سماه رسول الله عمرا، فقالوا فيما يقولون:

سماه من بعد جعيل عمرا … وكان للبائس يوما ظهرا

وكانوا إذا قالوا عمرا قال معهم رسول الله عمرا، وإذا قالوا ظهرا قال لهم ظهرا. وقد

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق عن حميد سمعت أنسا قال: خرج رسول الله إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: «اللهمّ ان العيش عيش الآخرة، فأغفر الأنصار والمهاجرة» فقالوا مجيبين له:

نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

<<  <  ج: ص:  >  >>