للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وكانت تحبه حبا شديدا خرجت به الى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت به حتى استوت على الجبل. فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبى * وهذا حديث غريب * وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد وغير واحد شبيه لهذه القصة * وأحرى بهذا الحديث أن يكون موقوفا متلقى عن مثل كعب الأحبار والله أعلم * والمقصود أن الله لم يبق من الكافرين ديارا فكيف يزعم بعض المفسرين ان عوج بن عنق ويقال بن عناق كان موجودا من قبل نوح الى زمان موسى ويقولون كان كافرا متمردا جبارا عنيدا ويقولون كان لغير رشدة بل ولدته أمه عنق بنت آدم من زنا وإنه كان يأخذ من طوله السمك من قرار البحار ويشويه في عين الشمس وإنه كان يقول لنوح وهو في السفينة ما هذه القصيعة التي لك ويستهزئ به * ويذكرون انه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاث مائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلثا الى غير ذلك من الهذيانات التي لولا انها مسطرة في كثير من كتب التفاسير وغيرها من التواريخ وأيام الناس لما تعرضنا لحكايتها لسقاطتها وركاكتها * ثم إنها مخالفة للمعقول والمنقول أما المعقول فكيف يسوغ فيه أن يهلك الله ولد نوح لكفره وأبوه نبي الأمة وزعيم أهل الايمان ولا يهلك عوج بن عنق ويقال عناق وهو أظلم وأطغى على ما ذكروا. وكيف لا يرحم الله منهم أحدا ولا أم الصبى ولا الصبى ويترك هذا الدعي الجبار العنيد الفاجر الشديد الكافر الشيطان المريد على ما ذكروا * واما المنقول فقد قال الله تعالى ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ وقال ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً﴾. ثم هذا الطول الّذي ذكروه مخالف لما

في الصحيحين عن النبي أنه قال (إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن)

فهذا نص الصادق المصدوق المعصوم الّذي لا ينطق ﴿عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى﴾ أنه لم يزل الخلق ينقص حتى الآن اى لم يزل الناس في نقصان في طولهم من آدم الى يوم اخباره بذلك وهلم جرا الى يوم القيامة * وهذا يقتضي أنه لم يوجد من ذرية آدم من كان أطول منه فكيف يترك هذا ويذهل عنه ويصار الى أقوال الكذبة الكفرة من أهل الكتاب الذين بدلوا كتب الله المنزلة وحرفوها وأولوها ووضعوها على غير مواضعها فما ظنك بما هم يستقلون بنقله أو يؤتمنون عليه وما أظن ان هذا الخبر عن عوج بن عناق الا اختلاقا من بعض زنادقتهم وفجارهم الذين كانوا أعداء الأنبياء والله أعلم * ثم ذكر الله تعالى منا شدة نوح ربه في ولده وسؤاله له عن غرقه على وجه الاستعلام والاستكشاف ووجه السؤال أنك وعدتني بنجاة أهلي معى وهو منهم وقد غرق فأجيب بانه ليس من أهلك اى الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>