للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَدْتُ بِنَجَاتِهِمْ أَيْ أَمَا قُلْنَا لَكَ وَأَهْلَكَ الا من سبق عليه القول منهم فَكَانَ هَذَا مِمَّنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ بِأَنْ سَيَغْرَقُ بِكُفْرِهِ وَلِهَذَا سَاقَتْهُ الْأَقْدَارُ إِلَى أَنِ انْحَازَ عَنْ حَوْزَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَغَرِقَ مَعَ حِزْبِهِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ ١١: ٤٨ هَذَا أَمْرٌ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَأَمْكَنَ السَّعْيُ فِيهَا وَالِاسْتِقْرَارُ عَلَيْهَا أَنْ يَهْبِطَ مِنَ السَّفِينَةِ الَّتِي كَانَتْ قَدِ اسْتَقَرَّتْ بَعْدَ سَيْرِهَا الْعَظِيمِ عَلَى ظَهْرِ جَبَلِ الْجُودِيِّ وَهُوَ جَبَلٌ بِأَرْضِ الْجَزِيرَةِ مَشْهُورٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عِنْدَ خَلْقِ الْجِبَالِ (بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ) ١١: ٤٨ أَيِ اهْبِطْ سَالِمًا مُبَارَكًا عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ سَيُولَدُ بَعْدُ أَيْ مِنْ أَوْلَادِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا سِوَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ تَعَالَى وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ٣٧: ٧٧ فَكُلُّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ مِنْ سائر أجناس بنى آدم ينسبون إِلَى أَوْلَادِ نُوحٍ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ «سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ» قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَقَدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ وَقَالَ الشيخ ابو عمرو ابن عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ وَالْمُرَادُ بِالرُّومِ هُنَا الرُّومُ الْأُوَلُ وهم اليونان المنتسبون الى رومي بن لبطي بْنِ يُونَانَ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ (وَلَدُ نُوحٍ ثَلَاثَةٌ سَامٌ وَيَافِثُ وَحَامٌ وَوَلَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هذه الثلاثة ثَلَاثَةً فَوَلَدَ سَامٌ الْعَرَبَ وَفَارِسَ وَالرُّومَ. وَوَلَدَ يَافِثُ التُّرْكَ وَالسَّقَالِبَةَ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَوَلَدَ حَامٌ الْقِبْطَ وَالسُّودَانَ وَالْبَرْبَرَ) قُلْتُ وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَبَّادٍ أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرَّهَاوِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وُلِدَ لِنُوحٍ سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ فَوُلِدَ لِسَامٍ الْعَرَبُ وَفَارِسُ وَالرُّومُ وَالْخَيْرُ فيهم. وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والسقالبة وَلَا خَيْرَ فِيهِمْ وَوُلِدَ لِحَامٍ الْقِبْطُ وَالْبَرْبَرُ والسودان) ثم قال لا نعلم يُرْوَى مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاحْتَمَلُوا حَدِيثَهُ. وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَلَمْ يُسْنِدْهُ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ سَعِيدٍ. قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أبو عمرو هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ سَعِيدٍ قَوْلُهُ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مِثْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُولَدْ لَهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْأَوْلَادُ إِلَّا بَعْدَ الطُّوفَانِ وَإِنَّمَا وُلِدَ لَهُ قَبْلَ السَّفِينَةِ كَنْعَانُ الَّذِي غَرِقَ وَعَابِرُ مات قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>