للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لانى رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم الى أمر مّا. فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قرى أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال النبي : أنت وذاك. فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب، ثم قال:

ليجهدوا علينا. قال فأقام النبي وأصحابه محاصرين ولم يكن بينهم وبين عدوهم قتال إلا أن فوارس من قريش - منهم عمرو بن عبد ودّ بن أبى قيس أحد بنى عامر بن لؤيّ، وعكرمة بن أبى جهل، وهبيرة بن أبى وهب المخزوميان، وضرار بن الخطاب بن مرداس أحد بنى محارب بن فهر - تلبسوا للقتال ثم خرجوا على خيلهم حتى مروا بمنازل بنى كنانة فقالوا تهيئوا يا بنى كنانة للحرب فستعلمون من الفرسان اليوم، ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق فلما رأوه قالوا والله ان هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها. ثم تيمموا مكانا من الخندق ضيقا فضربوا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع، وخرج عليّ بن أبى طالب في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليه الثغرة التي أقحموا منها خيلهم وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم، وكان عمرو بن عبد ودّ قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه، فلما خرج هو وخيله قال: من يبارز؟ فبرز له عليّ بن أبى طالب ، فقال له:

يا عمرو انك كنت عاهدت الله لا يدعوك رجل من قريش الى احدى خلتين الا أخذتها منه، قال أجل. قال له عليّ: فانى أدعوك الى الله والى رسوله وإلى الإسلام. قال: لا حاجة لي بذلك.

قال: فانى أدعوك الى النزال. قال له: لم يا ابن أخى فو الله ما أحب أن أقتلك. قال له عليّ: لكنى والله أحب أن أقتلك. فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على عليّ فتنازلا وتجاولا فقتله عليّ وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة. قال ابن إسحاق وقال عليّ بن أبى طالب في ذلك:

نصر الحجارة من سفاهة رأيه … ونصرت رب محمد بصواب

فصدرت حين تركته متجدلا … كالجذع بين دكادك وروابي

وعففت عن أثوابه ولو اننى … كنت المقطر بزّنى أثوابى

لا تحسبن الله خاذل دينه … ونبيه يا معشر الأحزاب

قال ابن هشام: وأكثر أهل العلم بالشعر يشك فيها لعلىّ. قال ابن هشام: وألقى عكرمة

<<  <  ج: ص:  >  >>