ابن عقبة فدخلوا معهم حصنهم فدعوهم الى الموادعة وتجديد الحلف فقالوا: الآن وقد كسر جناحنا وأخرجهم (يريدون بنى النضير) ونالوا من رسول الله ﷺ فجعل سعد بن عبادة يشاتمهم فأغضبوه فقال له سعد بن معاذ انا والله ما جئنا لهذا ولما بيننا أكبر من المشاتمة. ثم ناداهم سعد بن معاذ فقال انكم قد علمتم الّذي بيننا وبينكم يا بني قريظة وأنا خائف عليكم مثل يوم بني النضير أو أمرّ منه.
فقالوا اكلت أير أبيك. فقال غير هذا من القول كان أجمل بكم وأحسن.
وقال ابن إسحاق: نالوا من رسول الله ﷺ وقالوا من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد. فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه وكان رجلا فيه حدة فقال له سعد بن عبادة دع عنك مشاتمتهم لما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة. ثم أقبل السعدان ومن معهما الى رسول الله ﷺ فسلموا عليه ثم قالوا عضل والقارة أي كغدرهم بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه فقال رسول الله ﷺ: الله أكبر ابشروا يا معشر المسلمين. قال موسى بن عقبة ثم تقنع رسول الله ﷺ بثوبه حين جاءه الخبر عن بنى قريظة فاضطجع ومكث طويلا فاشتد على الناس البلاء والخوف حين رأوه اضطجع وعرفوا انه لم يأته عن بنى قريظة خير. ثم انه رفع رأسه وقال ابشروا بفتح الله ونصره. فلما أن أصبحوا دنا القوم بعضهم من بعض وكان بينهم رمى بالنبل والحجارة
قال سعيد بن المسيب قال رسول الله ﷺ: اللهمّ انى أسألك عهدك ووعدك اللهمّ ان تشأ لا تعبد.
قال ابن إسحاق وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظن المؤمنون كل ظن وتجم النفاق حتى قال معتب بن قشير أخو بنى عمرو بن عوف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن على نفسه أن يذهب الى الغائط. وحتى قال أوس بن قيظى:
يا رسول الله ان بيوتنا عورة من العدو، وذلك عن ملأ من رجال قومه فأذن لنا أن نرجع الى دارنا فإنها خارج من المدينة. قلت: هؤلاء وأمثالهم المرادون بقوله تعالى ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً * وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِراراً﴾
قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله ﷺ مرابطا وأقام المشركون يحاصرونه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر ولم يكن بينهم حرب إلا الرميا بالنبل، فلما اشتد على الناس البلاء بعث رسول الله ﷺ كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن الزهري الى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري وهما قائدا غطفان وأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينهم الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة، فلما أراد رسول الله ﷺ أن يفعل ذلك بعث الى السعدين فذكر لهما ذلك واستشار هما فيه، فقالا: يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه، أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ فقال: بل