الوسطى فاملأ بيوتهم نارا واملأ قبورهم نارا» ونحو ذلك تفرد به احمد وهو من رواية هلال بن خباب العبديّ الكوفي وهو ثقة يصحح له الترمذي وغيره. وقد استدل طائفة من العلماء بهذه الأحاديث على كون الصلاة الوسطى هي صلاة العصر كما هو منصوص عليه في هذه الأحاديث وألزم القاضي الماوردي مذهب الشافعيّ بهذا لصحة الحديث وقد حررنا ذلك نقلا واستدلالا عند قوله تعالى:
﴿حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ﴾. وقد استدل طائفة بهذا الصنيع على جواز تأخير الصلاة لعذر القتال كما هو مذهب مكحول والأوزاعي وقد بوب البخاري ذلك واستدل بهذا الحديث
وبقوله ﷺ يوم أمرهم بالذهاب الى بنى قريظة - كما سيأتي - «لا يصلينّ أحد العصر إلا في بنى قريظة» وكان من الناس من صلّى العصر في الطريق ومنهم من لم يصلّ إلا في بنى قريظة بعد الغروب ولم يعنف واحدا من الفريقين واستدل بما ذكره عن الصحابة ومن معهم في حصار تستر سنة عشرين في زمن عمر حيث صلوا الصبح بعد طلوع الشمس لعذر القتال واقتراب فتح الحصن.
وقال آخرون من العلماء وهم الجمهور منهم الشافعيّ هذا الصنيع يوم الخندق منسوخ بشرعية صلاة الخوف بعد ذلك فإنها لم تكن مشروعة إذ ذاك فلهذا أخروها يومئذ وهو مشكل قال ابن إسحاق وجماعة ذهبوا الى أن النبي ﷺ صلّى صلاة الخوف بعسفان وقد ذكرها ابن إسحاق وهو امام في المغازي قبل الخندق وكذلك ذات الرقاع ذكرها قبل الخندق فالله أعلم. وأما الذين قالوا ان تأخير الصلاة يوم الخندق وقع نسيانا كما حكاه شراح مسلم عن بعض الناس فهو مشكل إذ يبعد أن يقع هذا من جمع كبير مع شدة حرصهم على محافظة الصلاة كيف وقد روى أنهم تركوا يومئذ الظهر والعصر والمغرب حتى صلوا الجميع في وقت العشاء من رواية أبى هريرة وأبى سعيد قال الامام حدّثنا يزيد وحجاج قالا حدثنا ابن أبى ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدريّ عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق حتى ذهب هويّ من الليل حتى كفينا وذلك قوله ﴿وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً﴾ قال فدعا رسول الله ﷺ بلالا فأمره فأقام فصلى الظهر كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك وذلك قبل أن ينزل. قال حجاج في صلاة الخوف فان خفتم فرجالا أو ركبانا وقد رواه النسائي عن الفلاّس عن يحيى القطان عن ابن أبى ذئب به قال شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس فذكره. وقال أحمد حدثنا هشيم حدثنا أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن المشركين شغلوا رسول الله ﷺ يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله قال فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء.
وقال الحافظ أبو بكر البزار حدّثنا محمد بن معمر حدثنا مؤمل يعنى ابن إسماعيل حدثنا حماد يعنى ابن سلمة عن عبد الكريم يعنى ابن أبى المخارق