أن رسول الله ﷺ استعمل رجلا على خيبر فجاء بتمر جنيب، فقال رسول الله ﷺ«أكل تمر خيبر هكذا؟» قال لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال «لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا». قال البخاري وقال الدراوَرْديّ عن عبد المجيد عن سعيد بن المسيب أن أبا سعيد وأبا هريرة حدثاه أن رسول الله ﷺ بعث أخا بنى عدي من الأنصار الى خيبر وأمره عليها، وعن عبد المجيد عن أبى صالح السمان عن أبى سعيد وأبى هريرة مثله.
قلت: كان سهم النبي ﷺ الّذي أصاب مع المسلمين مما قسم بخيبر وفدك بكمالها وهي طائفة كبيرة من أرض خيبر نزلوا من شدة رعبهم منه صلوات الله وسلامه عليه فصالحوه، وأموال بنى النضير المتقدم ذكرها مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت هذه الأموال لرسول الله ﷺ خاصة وكان يعزل منها نفقة أهله لسنة ثم يجعل ما بقي مجعل مال الله يصرفه في الكراع والسلاح ومصالح المسلمين، فلما مات صلوات الله وسلامه عليه اعتقدت فاطمة وأزواج النبي ﷺ أو أكثرهن - أن هذه الأراضي تكون موروثة عنه ولم يبلغهن ما ثبت عنه من
قوله ﷺ«نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة» ولما طلبت فاطمة وأزواج النبي ﷺ والعباس نصيبهم من ذلك وسألوا الصديق أن يسلمه اليهم، وذكر لهم
قول رسول الله ﷺ«لا نورث ما تركنا صدقة» وقال: أنا أعول من كان يعول رسول الله ﷺ والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب الى أن أصل من قرابتي، وصدق ﵁ وأرضاه فإنه البار الراشد في ذلك التابع للحق، وطلب العباس وعلى على لسان فاطمة إذ قد فاتهم الميراث أن ينظرا في هذه الصدقة وأن يصرفا ذلك في المصارف التي كان النبي ﷺ يصرفها فيها، فأبى عليهم الصديق ذلك ورأى أن حقا عليه أن يقوم فيما كان يقوم فيه رسول الله ﷺ وأن لا يخرج من مسلكه ولا عن سننه. فتغضبت فاطمة ﵂ عليه في ذلك ووجدت في نفسها بعض الموجدة ولم يكن لها ذلك. والصديق من قد عرفت هي والمسلمون محله ومنزلته من رسول الله ﷺ وقيامه في نصرة النبي ﷺ في حياته وبعد وفاته فجزاه الله عن نبيه وعن الإسلام وأهله خيرا، وتوفيت فاطمة ﵂ بعد ستة أشهر ثم جدد على البيعة بعد ذلك، فلما كان أيام عمر بن الخطاب سألوه أن يفوض أمر هذه الصدقة الى على والعباس وثقلوا عليه بجماعة من سادات الصحابة ففعل عمر ﵁ ذلك وذلك لكثرة أشغاله واتساع مملكته وامتداد رعيته، فتغلب على على عمه العباس فيها ثم تساوقا يختصمان الى عمر وقدما بين أيديهما جماعة من الصحابة وسألا منه أن يقسمها بينهما فينظر كل منهما فيما لا ينظر فيه الآخر. فامتنع عمر من ذلك أشد الامتناع وخشي أن تكون هذه القسمة تشبه قسمة المواريث وقال انظرا فيها وأنتما جميع فان عجزتما عنها فادفعاها الى، والّذي تقوم السماء والأرض بأمره لا أقضى فيها قضاء غير هذا. فاستمرا فيها ومن