الأسود، فقالت قريش: ما يرضون بالمشي أما أنهم لينفرون نفر الظباء، ففعل ذلك ثلاثة أطواف فكانت سنة. قال أبو الطفيل: وأخبرنى ابن عباس أن رسول الله ﷺ فعل ذلك في حجة الوداع. تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقال أبو داود ثنا أبو سلمة موسى ثنا حماد - يعنى ابن سلمة - أنبأنا أبو عاصم الغنوي عن أبى الطفيل قال قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله ﷺ قد رمل بالبيت وأن ذلك سنّة؟ فقال: صدقوا وكذبوا، قلت ما صدقوا وما كذبوا؟ قال صدقوا رمل رسول الله ﷺ، وكذبوا ليس بسنة، إن قريشا زمن الحديبيّة قالت دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف، فلما صالحوه على أن يجيئوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام فقدم رسول الله ﷺ والمشركون من قبل قعيقعان، فقال رسول الله ﷺ لأصحابه «ارملوا بالبيت ثلاثا» قال وليس بسنة. وقد رواه مسلم من حديث سعيد الجريريّ وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين وعبد الملك بن سعيد بن أبجر ثلاثتهم عن أبى الطفيل عامر بن وائلة عن ابن عباس به نحوه. وكون الرمل في الطواف سنة مذهب الجمهور، فان رسول الله ﷺ رمل في عمرة القضاء وفي عمرة الجعرانة أيضا كما رواه أبو داود وابن ماجة من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبى الطفيل عن ابن عباس فذكره. وثبت في حديث جابر عند مسلم وغيره أنه ﵇ رمل في حجة الوداع في الطواف، ولهذا قال عمر بن الخطاب فيم الرملان وقد أطال الله الإسلام؟ ومع هذا لا نترك شيئا فعله رسول الله ﷺ، وموضع تقرير هذا كتاب الأحكام. وكان ابن عباس في المشهور عنه لا يرى ذلك سنة كما ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال: إنما سعى النبي ﷺ بالبيت وبالصفا والمروة ليرى المشركين قوته. لفظ البخاري. وقال الواقدي: لما قضى رسول الله ﷺ نسكه في القضاء دخل البيت فلم يزل فيه حتى أذن بلال الظهر فوق ظهر الكعبة، وكان رسول الله ﷺ أمره بذلك، فقال عكرمة بن أبى جهل: لقد أكرم الله أبا الحكم حين لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول!! وقال صفوان بن أمية: الحمد لله الّذي أذهب أبى قبل أن يرى هذا. وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الّذي أمات أبى ولم يشهد هذا اليوم حتى يقوم بلال ينهق فوق البيت. وأما سهيل بن عمرو ورجال معه لما سمعوا بذلك غطوا وجوههم. قال الحافظ البيهقي: قد أكرم الله أكثرهم بالإسلام.
قلت: كذا ذكره البيهقي من طريق الواقدي أن هذا كان في عمرة القضاء، والمشهور أن ذلك كان في عام الفتح والله أعلم.