للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتيان من أسلم، وقد ساق رسول الله في عمرة القضية ستين بدنة. فحدثني محمد بن نعيم المجمر عن أبيه عن أبى هريرة قال: كنت مع صاحب البدن أسوقها. قال الواقدي وسار رسول الله يلبى والمسلمون معه يلبون، ومضى محمد بن مسلمة بالخيل الى مر الظهران فيجد بها نفرا من قريش، فسألوا محمد بن مسلمة؟ فقال هذا رسول الله يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله، ورأوا سلاحا كثيرا مع بشير بن سعد، فخرجوا سراعا حتى أتوا قريشا فأخبروهم بالذي رأوا من السلاح والخيل، ففزعت قريش وقالوا والله ما أحدثنا حدثا وإنا على كتابنا وهدنتنا ففيم يغزونا محمد في أصحابه؟ ونزل رسول الله مر الظهران، وقدم رسول الله السلاح الى بطن يأجج حيث ينظر الى أنصاب الحرم،

وبعثت قريش مكرز بن حفص بن الأحنف في نفر من قريش حتى لقوة ببطن يأجج ورسول الله في أصحابه والهدى والسلاح قد تلاحقوا، فقالوا يا محمد ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت لهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر السيوف في القرب، فقال النبي «إني لا أدخل عليهم السلاح» فقال مكرز بن حفص: هذا الّذي تعرف به البر والوفاء، ثم رجع سريعا بأصحابه إلى مكة. فلما أن جاء مكرز بن حفص بخبر النبي خرجت قريش من مكة الى رءوس الجبال وخلوا مكة وقالوا لا ننظر اليه ولا إلى أصحابه، فامر رسول الله بالهدى أمامه حتى حبس بذي طوى، وخرج رسول الله وأصحابه وهو على ناقته القصواء وهم محدقون به يلبون وهم متوشحون السيوف، فلما انتهى إلى ذي طوى وقف على ناقته القصواء وابن رواحة آخذ بزمامها وهو يرتجز بشعره ويقول:

خلوا بنى الكفار عن سبيله

إلى آخره وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: قدم رسول الله وأصحابه صبيحة رابعة - يعنى من ذي القعدة سنة سبع - فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنتهم حمى يثرب، فأمر رسول الله أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنتين، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم.

قال الإمام احمد: حدثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عبد الله ابن عثمان عن أبى الطفيل عن ابن عباس أن رسول الله لما نزل مر الظهران من عمرته بلغ أصحاب رسول الله أن قريشا تقول: ما يتباعثون من العجف، فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحومه وحسونا من مرقة أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة، فقال «لا تفعلوا ولكن أجمعوا لي من أزوادكم فجمعوا له وبسطوا الأنطاع فأكلوا حتى تركوا، وحشى كل واحد منهم في جرابه، ثم أقبل رسول الله حتى دخل المسجد وقعدت قريش نحو الحجر، فاضطبع بردائه ثم قال «لا يرى القوم فيكم غميزة» فاستلم الركن ثم رمل حتى إذا تغيب بالركن اليماني مشى الى الركن

<<  <  ج: ص:  >  >>