يريد صاحبيه زيدا وجعفرا، ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهس منه نهسة. ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم؟ ألقاه من يده ثم أخذ سيفه ثم تقدم فقاتل حتى قتل ﵁.
قال ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بنى العجلان. فقال: يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم، قالوا أنت قال ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية دافع القوم وخاشى (١) بهم ثم انحازوا نحيز عنه حتى انصرف بالناس. قال ابن إسحاق. ولما أصيب القوم قال رسول الله ﷺ فيما بلغني - أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا، قال ثم صمت رسول الله ﷺ حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم قال لقد رفعوا الى الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله ابن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه، فقلت عم هذا؟ فقيل لي مضيا وتردّد عبد الله بن رواحة بعض التردد ثم مضى. هكذا ذكر ابن إسحاق هذا منقطعا، وقد قال البخاري ثنا أحمد بن واقد ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن انس بن مالك ان رسول الله ﷺ نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبر، فقال أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم. تفرد به البخاري ورواه في موضع آخر وقال فيه وهو على المنبر: وما يسرهم أنهم عندنا
وقال البخاري ثنا أحمد بن أبى بكير ثنا مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي وليس بالحرامى عن عبد الله بن سعيد عن نافع عن عبد الله بن عمر. قال أمّر رسول الله ﷺ في غزوة مؤتة زيد ابن حارثة، فقال رسول الله ﷺ ان قتل زيد فجعفر، وان قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، قال عبد الله كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبى طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا في جسده بضعا وتسعين من ضربة ورمية تفرد به البخاري أيضا. وقال البخاري أيضا حدثنا احمد ثنا ابن
(١) في السهيليّ: المخاشاة المحاجزة وهي مفاعلة من الخشية لانه خشي على المسلمين لقلة عددهم. ثم قال: ومن رواه حاشى بالحاء المهملة فهو من الحشى وهي الناحية. وقيل حاشى بهم انحاز بهم.