البيهقي: وروى في حديث دحية بن خليفة أنه لما رجع من عند قيصر وجد عند رسول الله ﷺ رسل كسرى، وذلك أن كسرى بعث يتوعد صاحب صنعاء ويقول له: ألا تكفيني أمر رجل قد ظهر بأرضك يدعوني الى دينه، لتكفينه أو لأفعلن بك، فبعث اليه فقال لرسله «أخبروه أن ربى قد قتل ربه الليلة» فوجدوه كما قال. قال وروى داود بن أبى هند عن عامر الشعبي نحو هذا. ثم روى البيهقي من طريق أبى بكر بن عياش عن داود بن أبى هند عن أبيه عن أبى هريرة قال:
أقبل سعد الى رسول الله ﷺ فقال:«إن في وجه سعد خبرا «فقال يا رسول الله هلك كسرى» فقال «لعن الله كسرى أول الناس هلاكا فارس ثم العرب».
قلت: الظاهر أنه لما أخبر رسول الله ﷺ بهلاك كسرى لذينك الرجلين يعنى الأميرين اللذين قدما من نائب اليمن باذام، فلما جاء الخبر بوفق ما أخبر به ﵊ وشاع في البلاد وكان سعد بن أبى وقاص أول من سمع جاء الى رسول الله ﷺ فأخبره بوفق إخباره ﵇ وهكذا بنحو هذا التقدير ذكره البيهقي ﵀. ثم روى البيهقي من غير وجه عن الزهري أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه بلغه أن كسرى بينما هو في دسكرة ملكه بعث له - أو قيض له - عارض يعرض عليه الحق فلم يفجأ كسرى الا برجل يمشى وفي يده عصا فقال: يا كسرى هل لك في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا؟ فقال كسرى نعم لا تكسرها، فولى الرجل فلما ذهب أرسل كسرى الى حجابه فقال من أذن لهذا الرجل على؟ فقالوا ما دخل عليك أحد، فقال كذبتم، قال فغضب عليهم وتهددهم ثم تركهم. قال فلما كان رأس الحول أتى ذلك الرجل ومعه العصا قال يا كسرى هل لك في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا؟ قال نعم لا تكسرها، فلما انصرف عنه دعا حجابه قال لهم كالمرة الأولى، فلما كان العام المستقبل أتاه ذلك الرجل معه العصا فقال له هل لك يا كسرى في الإسلام قبل أن أكسر العصا فقال لا تكسرها لا تكسرها فكسرها، فأهلك الله كسرى عند ذلك.
وقال الامام الشافعيّ: انبأ ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، فو الّذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة وأخرجاه من حديث الزهري به.
قال الشافعيّ ولما أتى كسرى بكتاب رسول الله ﷺ مزقه فقال رسول الله ﷺ«يمزق ملكه» وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب رسول الله ﷺ ووضعه في مسك، فقال رسول الله ﷺ«ثبت ملكه» قال الشافعيّ وغيره من العلماء ولما كانت العرب تأتى الشام والعراق للتجارة فأسلم من أسلم منهم شكوا خوفهم من ملكي العراق والشام الى رسول الله ﷺ فقال «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده» قال فباد ملك