فعلت كتب لك الى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك. ودخلا على رسول الله ﷺ وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر اليهما وقال «ويلكما من أمركما بهذا؟» قالا أمرنا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله ﷺ«ولكن ربى أمرنى بإعفاء لحيتي وقص شاربى» ثم قال «ارجعا حتى تأتيانى غدا» قال وأتى رسول الله ﷺ الخبر من السماء بان الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا من الليل سلط عليه ابنه شيرويه فقتله. قال فدعاهما فأخبرهما فقالا هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا فنكتب عنك بهذا ونخبر الملك باذام؟ قال «نعم أخبراه ذاك عنى وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى وينتهى الى الخف والحافر، وقولا له إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء» ثم أعطى خرخرة منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذام فأخبراه الخبر فقال والله ما هذا بكلام ملك وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول وليكونن ما قد قال، فلئن كان هذا حقا فهو نبي مرسل، وإن لم يكن فسنرى فيه رأيا. فلم ينشب باذام أن قدم عليه كتاب شيرويه أما بعد، فانى قد قتلت كسرى ولم أقتله الا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم ونحرهم في ثغورهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك، وانطلق الى الرجل الّذي كان كسرى قد كتب فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمرى فيه. فلما انتهى كتاب شيرويه الى باذام قال: إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس من كان منهم باليمن. قال وقد قال باذويه لباذام: ما كلمت أحدا أهيب عندي منه. فقال له باذام هل معه شرط؟ قال لا. قال الواقدي ﵀: وكان قتل كسرى على يدي ابنه شيرويه ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الآخرة من سنة سبع من الهجرة لست ساعات مضت منها:
قلت: وفي شعر بعضهم ما يرشد أن قتله كان في شهر الحرام وهو قول بعض الشعراء:
قتلوا كسرى بليل محرما … فتولى لم يمتع بكفن
وقال بعض شعراء العرب:
وكسرى إذ تقاسمه بنوه … بأسياف كما اقتسم اللحام
تمخضت المنون له بيوم … أتى ولكل حاملة تمام
وروى الحافظ البيهقي من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن أبى بكرة أن رجلا من أهل فارس أتى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ«إن ربى قد قتل الليلة ربك» قال وقيل له - يعنى النبي ﷺ إنه قد استخلف ابنته فقال «لا يفلح قوم تملكهم امرأة».