وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * وَاُذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان أمرهم وتعملوا بخلاف عملهم وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين أي حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح والعبادة له وحده لا شريك له وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته فان عاقبة ذلك وخيمة ولهذا وعظهم بقوله ﴿أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ * فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ﴾ أي متراكم كثير حسن بهي ناضج ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ﴾ وقال لهم أيضا ﴿يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاِسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾ أي هو الّذي خلقكم فأنشأكم من الأرض وجعلكم عمارها أي أعطاكموها بما فيها من الزروع والثمار فهو الخالق الرزاق فهو الّذي يستحق العبادة وحده لا سواه ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ أي أقلعوا عما أنتم فيه وأقبلوا على عبادته فإنه يقبل منكم ويتجاوز عنكم ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ * قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا﴾ أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملا هذه المقالة وهي دعاؤك إيانا الى إفراد العبادة وترك ما كنا نعبده من الأنداد والعدول عن دين الاباء والأجداد ولهذا قالوا ﴿أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ - * قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾ وهذا تلطف منه لهم في العبارة ولين الجانب وحسن تأت في الدعوة لهم الى الخير أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم اليه ماذا عذركم عند الله وماذا يخلصكم بين يديه وأنتم تطلبون منى أن اترك دعاءكم الى طاعته وأنا لا يمكنني هذا لانه واجب على ولو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني منه ولا ينصرني فأنا لا أزال أدعوكم الى الله وحده لا شريك له حتى يحكم الله بيني وبينكم وقالوا له أيضا ﴿إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ أي من المسحورين يعنون مسحورا لا تدري ما تقول في دعائك إيانا الى إفراد العبادة لله وحده وخلع ما سواه من الأنداد وهذا القول عليه الجمهور إن المراد بالمسحرين المسحورين * وقيل من المسحرين أي ممن له سحر. وهي الرئة كأنهم يقولون انما أنت بشر له سحر والأول أظهر لقولهم بعد هذا ﴿ما أَنْتَ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا﴾ * وقولهم ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ سألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم ﴿قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ وقال ﴿قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها﴾ *