للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك وهو مذهب جمهور العلماء. والمشهور عن الشافعيّ أنها فتحت صلحا لأنها لم تقسم،

ولقوله ليلة الفتح «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل الحرم فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن» وموضع تقرير هذه المسألة في كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله تعالى.

وقال البخاري ثنا سعيد ابن شرحبيل ثنا الليث عن المقبري عن أبى شريح الخزاعي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله الغد من يوم الفتح سمعته أذناى ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به، أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا فان أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب» فقيل لأبي شريح ماذا قال لك عمرو؟ قال قال أنا أعلم بذلك منك يأبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم، ولا فارا بجزية. وروى البخاري أيضا ومسلم عن قتيبة عن الليث بن سعد به نحوه.

وذكر ابن إسحاق أن رجلا يقال له ابن الأثوغ قتل رجلا في الجاهلية من خزاعة يقال له أحمر باسا، فلما كان يوم الفتح قتلت خزاعة ابن الأنوغ (١) وهو بمكة قتله خراش بن أمية، فقال رسول الله «يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل لقد كثر القتل إن نفع لقد قتلتم رجلا لأدينه»

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب قال: لما بلغ رسول الله ما صنع خراش ابن أمية قال «إن خراشا لقتال»

وقال ابن إسحاق: وحدثني سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبى شريح الخزاعي قال: لما قدم عمرو بن الزبير (٢) مكة لقتال أخيه عبد الله بن الزبير جئته فقلت له يا هذا إنا كنا مع رسول الله حين افتتح مكة، فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك، فقام رسول الله فينا خطيبا فقال «يا أيها الناس إن الله قد حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام من حرام الله الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرا، لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي ولم تحل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها، ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب فمن قال لكم إن رسول الله قد قاتل فيها فقولوا إن الله قد أحلها لرسوله ولم


(١) كذا في الأصل ولم نقف عليه.
(٢) قال السهيليّ: هذا وهم من ابن هشام وصوابه عمرو بن سعيد بن العاصي بن أمية وهو الأشدق ويكنى أبا أمية وكان يسمى لطيم الشيطان وكان جبارا شديد البأس حتى خافه عبد الملك على مكة فقتله بحيلة وذكر له خبرا طويلا وهو الّذي رعف على منبر رسول الله حتى سال الدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>