يحلها لكم يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فلقد كثر إن نفع لقد قتلتم قتيلا لأدينه فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين إن شاءوا فدم قاتله وإن شاءوا فعقله» ثم ودى رسول الله ﷺ ذلك الرجل الّذي قتلته خزاعة. فقال عمرو لأبي شريح: انصرف أيها الشيخ فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم، ولا خالع طاعة، ولا مانع جزية، فقال أبو شريح: إني كنت شاهدا وكنت غائبا وقد أمرنا رسول الله ﷺ أن يبلغ شاهدنا غائبنا، وقد أبلغتك فأنت وشأنك. قال ابن هشام:
وبلغني أن أول قتيل وداه رسول الله ﷺ يوم الفتح جنيدب بن الأكوع قتله بنو كعب فوداه رسول الله ﷺ بمائة ناقة.
وقال الامام أحمد: حدثنا يحيى عن حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما فتحت مكة على رسول الله ﷺ قال «كفوا السلاح إلا خزاعة من بنى بكر» فأذن لهم حتى صلّى العصر ثم قال «كفوا السلاح» فلقى رجل من خزاعة رجلا من بنى بكر من غد بالمزدلفة فقتله، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقام خطيبا فقال - فرأيته وهو مسند ظهره الى الكعبة قال - «إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم، أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول الجاهلية» وذكر تمام الحديث وهذا غريب جدا. وقد روى أهل السنن بعض هذا الحديث فأما ما فيه من أنه رخص لخزاعة أن تأخذ بثأرها من بنى بكر الى العصر من يوم الفتح فلم أره الا في هذا الحديث وكأنه إن صح من باب الاختصاص لهم مما كانوا أصابوا منهم ليلة الوتير والله أعلم.
وروى الامام أحمد عن يحيى بن سعيد وسفيان بن عيينة ويزيد بن هارون ومحمد بن عبيد كلهم عن زكريا بن أبى زائدة عن عامر الشعبي عن الحارث بن مالك بن البرصاء الخزاعي سمعت رسول الله ﷺ يقول يوم فتح مكة «لا تغزى هذه بعد اليوم الى يوم القيامة» ورواه الترمذي عن بندار عن يحيى بن سعيد القطان به وقال حسن صحيح.
قلت: فان كان نهيا فلا إشكال، وإن كان نفيا فقال البيهقي معناه على كفر أهلها
وفي صحيح مسلم من حديث زكريا بن أبى زائدة عن عامر الشعبي عن عبد الله بن مطيع عن أبيه مطيع بن الأسود العدوي قال قال رسول الله ﷺ يوم فتح مكة «لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم الى يوم القيامة» والكلام عليه كالأول سواء.
قال ابن هشام: وبلغني أن رسول الله ﷺ حين افتتح مكة ودخلها قام على الصفا يدعو وقد أحدقت به الأنصار فقالوا فيما بينهم: أترون رسول الله ﷺ إذ فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم بها؟ فلما فرغ من دعائه قال «ماذا قلتم؟» قالوا لا شيء يا رسول الله، فلم يزل بهم حتى أخبروه فقال رسول الله ﷺ«معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم» وهذا الّذي علقه ابن هشام قد أسنده الامام احمد بن حنبل في مسندة فقال ثنا بهز وهاشم قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت.
وقال هاشم حدثني ثابت البناني ثنا عبد الله بن رباح قال: وفدت وفود إلى