للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند المروة إنما كان في عمرة الجعرانة كما قلنا والله تعالى أعلم. وقال محمد بن إسحاق : ثم خرج رسول الله من الجعرانة معتمرا وأمر ببقاء الفيء فحبس بمجنّة بناحية مر الظهران.

قلت: الظاهر أنه انما استبقى بعض المغنم ليتألف به من يلقاه من الأعراب فيما بين مكة والمدينة. قال ابن إسحاق: فلما فرغ رسول الله من عمرته انصرف راجعا الى المدينة واستخلف عتاب بن أسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن. وذكر عروة وموسى بن عقبة أن رسول الله خلف معاذا مع عتاب بمكة قبل خروجه الى هوازن ثم خلفهما بها حين رجع الى المدينة. وقال ابن هشام: وبلغني عن زيد بن أسلم أنه قال لما استعمل رسول الله عتاب بن أسيد على مكة رزقه كل يوم درهما فقام فخطب الناس فقال:

أيها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم فقد رزقني رسول الله درهما كل يوم فليست لي حاجة الى أحد. قال ابن إسحاق: وكانت عمرة رسول الله في ذي القعدة وقدم المدينة في بقية ذي القعدة أو في أول ذي الحجة. قال ابن هشام: قدمها لست بقين من ذي القعدة فيما قال أبو عمرو المديني. قال ابن إسحاق: وحج الناس ذلك العام على ما كانت العرب تحج عليه وحج بالمسلمين تلك السنة عتاب بن أسيد وهي سنة ثمان. قال وأقام أهل الطائف على شركهم وامتناعهم في طائفهم ما بين ذي القعدة إلى رمضان من سنة تسع.

إسلام كعب بن زهير بن أبى سلمى وأبوه هو صاحب إحدى المعلقات السبع الشاعر ابن الشاعر وذكر قصيدته التي سمعها رسول الله وهي، بانت سعاد قال ابن إسحاق: ولما قدم رسول الله من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبى سلمى الى أخيه لأبويه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش، ابن الزبعري وهبيرة بن أبى وهب هربوا في كل وجه فان كانت لك في نفسك حاجة فطر الى رسول الله فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا وإن أنت لم تفعل فانج الى نجائك من الأرض. وكان كعب قد قال:

ألا بلغا عنى بجيرا رسالة … فويحك (١) فيما قلت ويحك هل لكا

فبين لنا إن كنت لست بفاعل … على أي شيء غير ذلك دلّكا

على خلق لم ألف يوما أبا له … عليه وما تلقى عليه أبا لكا

فان أنت لم تفعل فلست بآسف … ولا قائل إمّا عثرت لعا لكا


(١) كذا في الأصل وفي ابن هشام والتيمورية: فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا

<<  <  ج: ص:  >  >>