للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقاك بها المأمون كأسا روية … فأنهلك المأمون منها وعلكا

قال ابن هشام: وأنشدنى بعض أهل العلم بالشعر:

من مبلغ عنى بجيرا رسالة … فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا

شربت مع المأمون كأسا روية … فأنهلك المأمون منها وعلكا

وخالفت أسباب الهدى واتبعته … على أي شيء ويب غيرك دلكا

على خلق لم تلف أما ولا أبا … عليه ولم تدرك عليه أخا لكا

فان أنت لم تفعل فلست بآسف … ولا قائل إما عثرت لعا لكا

قال ابن إسحاق: وبعث بها إلى بجير فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله فأنشده إياها، فقال رسول الله لما سمع سقاك بها المأمون «صدق وإنه لكذوب أنا المأمون» ولما سمع على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه قال «أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه» قال ثم كتب بجير إلى كعب يقول له:

من مبلغ كعبا فهل لك في التي … تلوم عليها باطلا وهي أحزم

إلى الله لا العزى ولا اللات وحده … فتنجو إذا كان النجاء وتسلم

لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت … من الناس إلا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء دينه … ودين أبى سلمى عليّ محرم

قال فلما بلغ كعب الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وأرجف به من كان في حاضره من عدوه وقالوا هو مقتول، فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي فغدا به الى رسول الله في صلاة الصبح فصلّى مع رسول الله ثم أشار له إلى رسول الله فقال هذا رسول الله فقم اليه فاستأمنه، فذكر لي أنه قام الى رسول الله فجلس اليه ووضع يده في يده، وكان رسول الله لا يعرفه فقال: يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن جئتك به؟ فقال رسول الله «نعم» فقال إذا أنا يا رسول الله كعب بن زهير.

قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه؟ فقال رسول الله «دعه عنك فإنه جاء تائبا نازعا» قال فغضب كعب بن زهير على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير، فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله :

<<  <  ج: ص:  >  >>