للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن سعد حدثني سعيد بن أبى سعيد سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قَبْلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» ؟ قَالَ عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ. وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» ؟

فَقَالَ عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» ؟

فَقَالَ عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ. فَقَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ ٣٧: ٣٥ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ دِينٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدَ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قال له قائل أصبوت؟ قَالَ: لَا! وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلّم، ولا والله لا تأتيكم مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ بِهِ. وَفِي ذِكْرِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي الْوُفُودِ نَظَرٌ وَذَلِكَ أَنَّ ثُمَامَةَ لَمْ يَفِدْ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا أُسِرَ وَقُدِمَ بِهِ فِي الْوَثَاقِ فَرُبِطَ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي ذِكْرِهِ مَعَ الْوُفُودِ سَنَةَ تِسْعٍ نَظَرٌ آخَرُ، وَذَلِكَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ سِيَاقِ قِصَّتِهِ أَنَّهَا قُبَيْلُ الْفَتْحِ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ عَيَّرُوهُ بِالْإِسْلَامِ وَقَالُوا أَصَبَوْتَ فَتَوَعَّدَهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَفِدُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ مِيرَةً حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ دَارَ حَرْبٍ لَمْ يُسْلِمْ أَهْلُهَا بَعْدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِهَذَا ذَكَرَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ قِصَّةَ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ أَشْبَهُ وَلَكِنْ ذكرناه ها هنا اتِّبَاعًا لِلْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ثنا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ثنا نَافِعُ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بعده اتبعته، وقدم فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ. فقال له: «لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتها، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي رأيت فِيهِ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي» ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ الّذي رأيت فِيهِ مَا أُرِيتُ، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فطارا فأولتهما كذا بين يخرجان بعدي أحدهما الأسود الْعَنْسِيُّ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ» . ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>