للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن جزء بن جعفر بن خالد وَجَبَّارُ [١] بْنُ سُلْمَى بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ وَكَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ رُؤَسَاءَ الْقَوْمِ وَشَيَاطِينَهُمْ وَقَدِمَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ عَدُوُّ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ يَا أبا عَامِرُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَأَسْلِمْ. قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَلَّا أَنْتَهِيَ حَتَّى تتبع العرب عقبى فانا أَتْبَعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ؟ ثُمَّ قَالَ لِأَرْبَدَ إِنْ قَدِمْنَا عَلَى الرَّجُلِ فَإِنِّي سَأَشْغَلُ عَنْكَ وَجْهَهُ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَاعْلُهُ بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي قَالَ: «لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ» قَالَ يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي، قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَيَنْتَظِرُ مِنْ أَرْبَدَ مَا كَانَ أَمَرَهُ بِهِ فَجَعَلَ أَرْبَدُ لَا يُحِيرُ شَيْئًا، فَلَمَّا رَأَى عَامِرٌ مَا يَصْنَعُ أَرْبَدُ قَالَ يَا مُحَمَّدُ خَالِنِي، قَالَ «لَا حَتَّى تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهمّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ» فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطفيل لِأَرْبَدَ أَيْنَ مَا كُنْتُ أَمَرْتُكَ بِهِ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ أَخْوَفَ عَلَى نَفْسِي مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَخَافُكَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا. قَالَ: لَا أَبًا لَكَ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ وَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بِالَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ إِلَّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ حَتَّى مَا أَرَى غَيْرَكَ أَفَأَضْرِبُكَ بِالسَّيْفِ.

وَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الطَّاعُونَ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ اللَّهُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بَنِي عَامِرٍ أَغُدَّةً كَغُدَّةِ الْبِكْرِ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولٍ؟ قَالَ ابن هشام: ويقال أغدّة كغدة الإبل وموت فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ.

وَرَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عبد العزيز بن موءلة عن أبيها عن جدها موءلة بن حميل [٢] قَالَ أَتَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ «يَا عَامِرُ أَسْلِمْ» فَقَالَ أُسْلِمُ عَلَى أَنَّ لِي الْوَبَرَ وَلَكَ الْمَدَرَ: قَالَ «لَا» ثُمَّ قَالَ أَسْلِمْ فَقَالَ أُسْلِمُ عَلَى أَنَّ لِي الْوَبَرَ وَلَكَ الْمَدَرَ قَالَ لَا فَوَلَّى وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا وَرِجَالًا مُرْدًا وَلَأَرْبِطَنَّ بِكُلِّ نَخْلَةٍ فَرَسًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ اكْفِنِي عَامِرًا وَاهْدِ قَوْمَهُ. فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كان بظهر المدنية صَادَفَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهَا سَلُولِيَّةٌ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَنَامَ فِي بَيْتِهَا فَأَخَذَتْهُ غُدَّةٌ فِي حَلْقِهِ فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ وَأَخَذَ رُمْحَهُ وَأَقْبَلَ يَجُولُ وَهُوَ يَقُولُ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالُهُ حَتَّى سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ مَيِّتًا. وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ في أسماء الصحابة موءلة هذا فقال هو موءلة بْنُ كُثَيْفٍ الضَّبَابِيُّ الْكِلَابِيُّ الْعَامِرِيُّ مِنْ بَنِي عامر بن صعصعة أنى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَسْلَمَ وَعَاشَ فِي الْإِسْلَامِ مِائَةَ سَنَةٍ وَكَانَ يُدْعَى ذَا اللِّسَانَيْنِ مِنْ فَصَاحَتِهِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ الَّذِي رَوَى قِصَّةَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ غُدَّةٌ كغدة البعير وموت في بيت سلولية.


[١] في الأصل حيان
[٢] في القاموس: موءلة بن كثيف بن حمل وفي الاصابة ابن حميل.

<<  <  ج: ص:  >  >>