وأصبحت لاقحا مصرّمة … حتى تجلت غوابر المدد
أشجع من ليث غابة لحم … ذو نهمة في العلا ومنتقد
لا تبلغ العين كلّ نهمتها … ليلة تمسى الجياد كالفدد
الباعث النوح في مآتمه … مثل الظباء الأبكار بالجرد
فجعني البرق والصواعق بالفارس … يوم الكريهة النجد
والحارب الجابر الحريب إذا … جاء نكيبا وإن يعد يعد
يعفو على الجهد والسؤال كما … ينبت غيث الربيع ذو الرصد
كل بنى حرة مصيرهم … قل وإن كثروا من العدد
إن يغبطوا يهبطوا وإن … أمروا يوما فهم للهلاك والنفد
وقد روى ابن إسحاق: عن لبيد أشعارا كثيرة في رثاء أخيه لامه أربد بن قيس تركناها اختصارا واكتفاء بما أوردناه والله الموفق للصواب. قال ابن هشام وذكر زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال فانزل الله ﷿ في عامر وأربد «الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يده ومن خلفه يحفظونه من أمر الله» يعنى محمدا ﷺ ثم ذكر أربد وقتله فقال الله تعالى ﴿وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ * هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ﴾.
قلت: وقد تكلمنا على هذه الآيات الكريمات في سورة الرعد ولله الحمد والمنة وقد وقع لنا إسناد ما علقه ابن هشام ﵀
فروينا من طريق الحافظ أبى القاسم سليمان بن احمد الطبراني في معجمه الكبير حيث قال حدثنا مسعدة بن سعد العطار حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني عبد العزيز بن عمران حدثني عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما عن عطاء بن يسار عن ابن عباس: أن أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب وعامر بن الطفيل بن مالك قدما المدينة على رسول الله ﷺ فانتهيا اليه وهو جالس فجلسا بين يديه: فقال عامر بن الطفيل:
يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت فقال رسول الله ﷺ «مالك ما للمسلمين وعليك ما عليهم». قال:
عامر أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك. فقال رسول الله ﷺ: «ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل». قال أنا الآن في أعنة خيل نجد، اجعل لي الوبر ولك المدر. قال رسول