فصدّعهم راكب جاءهم … حلال حرام لشتى معا
فلو أن بالعز صدقتم … أو الملك تابعتم تبعا
فقال رسول الله ﷺ من لي بهذا الخبيث، فانتدب له سالم بن عمير هذا فقتله فقالت امامة المريدية في ذلك:
تكذب دين الله والمرء احمدا … لعمرو الّذي أمناك بئس الّذي يمنى
حباك حنيف (١) آخر الليل طعنة … أبا عفك خذها على كبر السن
وبعث عمير بن عدي الخطميّ لقتل العصماء بنت مروان من بنى أمية بن زيد كانت تهجو الإسلام وأهله، ولما قتل أبو عفك المذكور أظهرت النفاق وقالت في ذلك:
باست بنى مالك والنبيت … وعوف وباست بنى الخزرج
أطعتم أتاوى من غيركم … فلا من مراد ولا مذحج
ترجونه بعد قتل الرءوس … كما يرتجى ورق المنضج
ألا آنف يبتغى غرة … فيقطع من أمل المرتجى
قال فأجابها حسان بن ثابت فقال:
بنو وائل وبنو واقف … وخطمة دون بنى الخزرج
متى ما دعت سفها ويحها … بعولتها والمنايا تجى
فهزت فتى ماجدا عرفه … كريم المدخل والمخرج
فضرجها من نجيع الدماء … بعيد الهدو فلم يحرج
فقال رسول الله ﷺ حين بلغه ذلك: ألا آخذ لي من ابنة مروان، فسمع ذلك عمير بن عدي فلما أمسى من تلك الليلة سرى عليها فقتلها. ثم أصبح فقال: يا رسول الله قتلتها. فقال: نصرت الله ورسوله يا عمير. قال: يا رسول الله هل عليّ من شأنها. قال: لا تنتطح فيها عنزان. فرجع عمير الى قومه وهم يختلفون في قتلها وكان لها خمسة بنون. فقال: أنا قتلتها فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون فذلك أول يوم عز الإسلام في بنى خطمة فأسلم منهم بشر كثير لما رأوا من عز الإسلام. ثم ذكر البعث الذين أسروا ثمامة بن أثال الحنفي وما كان من أمره في إسلامه. وقد تقدم ذلك في الأحاديث الصحاح.
وذكر ابن هشام أنه هو الّذي قال فيه رسول الله ﷺ: المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء. لما كان من قلة أكله بعد إسلامه، وأنه لما انفصل عن المدينة دخل مكة معتمرا وهو يلبى فنهاه أهل مكة عن ذلك فأبى عليهم وتوعدهم بقطع الميرة عنهم من اليمامة فلما
(١) في الأصل: حفيف والتصحيح عن ابن هشام.