عبد الجبار عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أيوب بن بشير. أن رسول الله قال في مرضه: أفيضوا عليّ من سبع قرب من سبع آبار شتى حتى أخرج فأعهد الى الناس. ففعلوا فخرج فجلس على المنبر فكان أول ما ذكر بعد حمد الله والثناء عليه ذكر أصحاب أحد فاستغفر لهم ودعا لهم. ثم قال: يا معشر المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون والأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم عيبتي التي أويت اليها، فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم. ثم قال ﵇: أيها الناس إن عبدا من عباد الله قد خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله، ففهمها أبو بكر ﵁ من بين الناس فبكى. وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا وأموالنا. فقال: رسول الله ﷺ على رسلك يا أبا بكر! انظروا إلى هذه الأبواب الشارعة في المسجد فسدوها إلا ما كان من بيت أبى بكر فانى لا أعلم أحدا عندي أفضل في الصحبة منه. هذا مرسل له شواهد كثيرة.
وقال الواقدي حدثني فروة بن زبيد بن طوسا عن عائشة بنت سعد عن أم ذرة عن أم سلمة زوج النبي ﷺ. قالت: خرج رسول الله عاصبا رأسه بخرقة فلما استوى على المنبر تحدق الناس بالمنبر - واستكفوا. فقال: والّذي نفسي بيده إني لقائم على الحوض الساعة ثم تشهد فلما قضى تشهده كان أول ما تكلم به أن أستغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد. ثم قال: إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار العبد ما عند الله، فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه. وقال: بأبي وأمى نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا. فكان رسول الله ﷺ هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا برسول الله ﷺ. وجعل رسول الله يقول له: على رسلك!
وقال الامام احمد حدثنا أبو عامر ثنا فليح عن سالم أبى النضر عن بشر بن سعيد عن أبى سعيد. قال خطب رسول الله الناس فقال: إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله. قال: فبكى أبو بكر. قال فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن عبد، فكان رسول الله هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به.
فقال: رسول الله إن أمن الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، لو كنت متخذا خليلا غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلة الإسلام ومودته لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبى بكر.
وهكذا رواه البخاري من حديث أبى عامر العقدي به. ثم رواه الامام احمد عن يونس عن فليح عن سالم أبى النضر عن عبيد بن حنين وبشر بن سعيد عن أبى سعيد به. وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث فليح ومالك بن أنس عن سالم عن بشر بن سعيد وعبيد بن حنين كلاهما عن أبى سعيد بنحوه. وقال الامام احمد حدثنا أبو الوليد ثنا هشام ثنا أبو عوانة عن عبد الملك عن ابن أبى المعلى عن أبيه. أن رسول الله خطب يوما فقال: إن رجلا خيره ربه بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه فبكى أبو بكر.