فقال: أصحاب رسول الله ﷺ ألا تعجبون من هذا الشيخ أن ذكر رسول الله رجلا صالحا خيره ربه بين البقاء في الدنيا وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه،
فكان أبو بكر أعلمهم بما قال رسول الله. فقال أبو بكر بل نفديك بأموالنا وأبنائنا. فقال: رسول الله ﷺ ما من الناس أحد أمن علينا في صحبته وذات يده من ابن أبى قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبى قحافة، ولكن ود وإخاء وإيمان ولكن ود وإخاء وإيمان. مرتين وإن صاحبكم خليل الله ﷿. تفرد به احمد قالوا وصوابه أبو سعيد بن المعلى فالله أعلم.
وقد روى الحافظ البيهقي من طريق إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - ثنا زكريا بن عدي ثنا عبيد الله بن عمرو الرقى عن زيد بن أبى أنيسة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث حدثني جندب. أنه سمع رسول الله ﷺ قبل أن يتوفى بخمس وهو يقول:
قد كان لي منكم إخوة وأصدقاء وإني أبرأ الى كل خليل من خلته ولو كنت منخذا من أمتى خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وإن ربى اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، وإن قوما ممن كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد فلا تتخذوا القبور مساجد فانى أنهاكم عن ذلك. وقد رواه مسلم في صحيحه عن إسحاق بن راهويه بنحوه، وهذا اليوم الّذي كان قبل وفاته ﵇ بخمسة أيام هو يوم الخميس الّذي ذكره ابن عباس فيما تقدم. وقد روينا هذه الخطبة من طريق ابن عباس.
قال: الحافظ البيهقي أنبأنا أبو الحسن على بن محمد المقرئ أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب - هو ابن عوانة الأسفراييني (١) -. قال ثنا محمد بن أبى بكر ثنا وهب بن جرير ثنا أبى سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن عكرمة عن ابن عباس. قال: خرج النبي ﷺ في مرضه الّذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: إنه ليس من الناس أحدا منّ على بنفسه وماله من أبى بكر، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عنى كل خوخة في المسجد غير خوخة أبى بكر. رواه البخاري عن عبيد الله بن محمد الجعفي عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه به. وفي
قوله ﵇ سدوا عنى كل خوخة - يعنى الأبواب الصغار - الى المسجد غير خوخة أبى بكر اشارة الى الخلافة أي ليخرج منها الى الصلاة بالمسلمين. وقد رواه البخاري أيضا من حديث عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس. أن رسول الله خرج في مرضه الّذي مات فيه عاصبا رأسه بعصابة دسماء ملتحفا بملحفة على منكبيه فجلس على المنبر فذكر الخطبة، وذكر فيها الوصاة بالأنصار الى أن. قال: فكان آخر مجلس جلس فيه رسول الله ﷺ حتى قبض - يعنى آخر خطبة خطبها
(١) كذا في الأصل والحافظ صاحب المستخرج هو يعقوب بن إسحاق ولعل هذا ابنه فتكون الصحة ابن أبى عوانة.