للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموسى بن عقبة وخفي ذلك على أنس بن مالك أو أنه ذكر بعض الخبر وسكت عن آخره. وهذا الّذي [ذكره] أيضا بعيد جدا لان أنسا قال: فلم يقدر عليه حتى مات. وفي رواية قال: فكان ذلك آخر العهد به. وقول الصحابي مقدم على قول التابعي والله أعلم (١)]. والمقصود أن رسول الله قدم أبا بكر الصديق إماما للصحابة كلهم في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام العملية.

قال الشيخ ابو الحسن الأشعري: وتقديمه له امر معلوم بالضرورة من دين الإسلام. قال: وتقديمه له دليل على انه أعلم الصحابة وأقرؤهم لما ثبت في الخبر المتفق على صحته بين العلماء. ان رسول الله . قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فان كانوا في السنة سواء فأكبرهم سنا، فان كانوا في السن سواء فأقدمهم مسلما (٢) قلت وهذا من كلام الأشعري مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق وأرضاه وصلاة الرسول خلفه في بعض الصلوات كما قدمنا بذلك الروايات الصحيحة لا ينافي ما روى في الصحيح ان ابا بكر ائتم به لان ذلك في صلاة اخرى كما نص على ذلك الشافعيّ وغيره من الأئمة ﷿.

فائدة: استدل مالك والشافعيّ وجماعة من العلماء ومنهم البخاري بصلاته قاعدا وأبو بكر مقتديا به قائما والناس بأبي بكر على نسخ قوله في الحديث المتفق عليه حين صلى ببعض أصحابه قاعدا. وقد وقع عن فرس فجحش شقه فصلوا وراءه قياما فأشار اليهم أن اجلسوا فلما انصرف. قال: كذلك والّذي نفسي بيده تفعلون كفعل فارس والروم يقومون على عظمائهم وهم جلوس. وقال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون. قالوا ثم إنه أمهم قاعدا وهم قيام في مرض الموت فدل على نسخ ما تقدم والله أعلم. وقد تنوعت مسالك الناس في الجواب عن هذا الاستدلال على وجوه كثيرة موضع ذكرها كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان. وملخص ذلك أن من الناس من زعم أن الصحابة جلسوا لأمره المتقدم وإنما استمر أبو بكر قائما لأجل التبليغ عنه . ومن الناس من قال: بل كان أبو بكر هو الامام في نفس الأمر كما صرح به بعض الرواة كما تقدم. وكان أبو بكر لشدة أدبه مع الرسول لا يبادره بل يقتدى به فكأنه صار إمام الامام فلهذا لم يجلسوا لاقتدائهم بأبي بكر وهو قائم ولم يجلس الصديق لأجل انه امام ولأنه يبلغهم عن النبي الحركات والسكنات والانتقالات والله أعلم. ومن الناس من قال: فرق بين أن يبتدأ الصلاة خلف الامام في حال القيام فيستمر فيها قائما


(١) ما بين المربعين سقط من التيمورية.
(٢) المحفوظ من كتب الفقه فأقدمهم إسلاما.

<<  <  ج: ص:  >  >>