للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها آخر صلاة صلاها لما ثبت أنه توفى ضحى يوم الاثنين. وهذا الّذي قاله البيهقي أخذه مسلما (١) من مغازي موسى بن عقبة فإنه كذلك ذكر. وكذا روى أبو الأسود عن عروة وذلك ضعيف بل هذه آخر صلاة صلاها مع القوم كما تقدم تقييده في الرواية الأخرى والحديث واحد فيحمل مطلقة على مقيده ثم لا يجوز أن تكون هذه صلاة الصبح من يوم الاثنين يوم الوفاة لأن تلك لم يصلها مع الجماعة بل في بيته لما به من الضعف صلوات الله وسلامه عليه والدليل على ذلك ما قال البخاري في صحيحه حدثنا أبو اليمان أنبأنا شعيب عن الزهري أخبرنى أنس بن مالك وكان تبع النبي وخدمه وصحبه أن أبا بكر كان يصلى لهم في وجع النبي الّذي توفى فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة فكشف النبي ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف تبسم يضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن النبي خارج الى الصلاة فأشار إلينا أن أتموا صلاتكم وأرخى الستر وتوفى من يومه وقد رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة وصبيح بن كيسان ومعمر عن الزهري عن أنس. ثم قال: البخاري ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث ثنا عبد العزيز عن أنس بن مالك. قال لم يخرج النبي ثلاثا فأقيمت الصلاة فذهب أبو بكر يتقدم فقال: نبي الله عليكم بالحجاب فرفعه فلما وضح وجه النبي ما نظرنا منظرا كان اعجب إلينا من وجه النبي حين وضح لنا. فأومأ النبي بيده الى أبى بكر أن يتقدم وأرخى النبي الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات ورواه مسلم من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه به فهذا أوضح دليل على أنه لم يصل يوم الاثنين صلاة الصبح مع الناس، وأنه كان قد انقطع عنهم لم يخرج اليهم ثلاثا.

قلنا فعلى هذا يكون آخر صلاة صلاها معهم الظهر كما جاء مصرحا به في حديث عائشة المتقدم ويكون ذلك يوم الخميس لا يوم السبت ولا يوم الأحد كما حكاه البيهقي عن مغازي موسى بن عقبة وهو ضعيف، ولما قدمنا من خطبته بعدها ولانه انقطع عنهم يوم الجمعة، والسبت، والأحد، وهذه ثلاثة أيام كوامل. وقال الزهري عن أبى بكر بن أبى سبرة. أن أبا بكر صلى بهم سبع عشرة صلاة. وقال غيره عشرين صلاة فالله أعلم. ثم بدا لهم وجهه الكريم صبيحة يوم الاثنين فودعهم بنظرة كادوا يفتتنون بها ثم كان ذلك آخر عهد جمهورهم به ولسان حالهم يقول كما قال بعضهم:

وكنت أرى كالموت من بين ساعة … فكيف ببين كان موعده الحشر

[والعجب أن الحافظ البيهقي أورد هذا الحديث من هاتين الطريقين. ثم قال: ما حاصله فلعله احتجب عنهم في أول ركعة ثم خرج في الركعة الثانية فصلى خلف أبى بكر كما قال عروة


(١) في التيمورية: أخذه مسلم من إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>