للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم مكتوم في مؤخر المسجد يقرأ ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ الآية والناس في المسجد يبكون ويموجون لا يسمعون فخرج عباس بن عبد المطلب على الناس. فقال: يا أيها الناس هل عند أحد منكم من عهد من رسول الله في وفاته فليحدثنا. قالوا: لا! قال:

هل عندك يا عمر من علم؟ قال: لا! فقال العباس: اشهدوا أيها الناس أن أحدا لا يشهد على رسول الله بعهد عهده اليه في وفاته والله الّذي لا إله إلا هو لقد ذاق رسول الله الموت. قال: وأقبل أبو بكر من السنح على دابته حتى نزل بباب المسجد وأقبل مكروبا حزينا فاستأذن في بيت ابنته عائشة فأذنت له فدخل ورسول الله قد توفى على الفراش والنسوة حوله فخمرن وجوههن واستترن من أبى بكر إلا ما كان من عائشة فكشف عن رسول الله فجثى عليه يقبله ويبكى ويقول: ليس ما يقوله ابن الخطاب شيئا توفى رسول الله والّذي نفسي بيده رحمة الله عليك يا رسول الله ما أطيبك حيا وميتا ثم غشاه بالثوب ثم خرج سريعا إلى المسجد يتخطى رقاب الناس حتى أتى المنبر وجلس عمر حين رأى أبا بكر مقبلا إليه وقام أبو بكر إلى جانب المنبر ونادى الناس فجلسوا وأنصتوا فتشهد أبو بكر بما علمه من التشهد. وقال: إن الله ﷿ نعى نبيه إلى نفسه وهو حىّ بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم وهو الموت حتى لا يبقى منكم أحد إلا الله ﷿. قال تعالى ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ الآية فقال عمر: هذه الآية في القرآن؟ والله ما علمت أن هذه الآية أنزلت قبل اليوم وقد قال الله تعالى لمحمد ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ وقال الله تعالى ﴿كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ وقال تعالى ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ * وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ﴾ وقال ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ وقال:

إن الله عمر محمدا وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد في سبيل الله ثم توفاه الله على ذلك وقد ترككم على الطريقة فلن يهلك هالك إلا من بعد البينة والشفاء فمن كان الله ربه فان الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا وينزله إلها فقد هلك إلهه. فاتقوا الله أيها الناس واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم فان دين الله قائم وإن كلمة الله تامة وإن الله ناصر من نصره ومعز دينه وأن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمدا وفيه حلال الله وحرامه والله لا نبالى من أجلب علينا من خلق الله إن سيوف الله لمسلولة (١) ما وضعناها بعد ولنجاهدنّ من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله فلا يبغين أحد إلا على نفسه. ثم انصرف معه المهاجرون إلى رسول الله فذكر الحديث في غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه. قلت كما سنذكره مفصلا بدلائله وشواهده إن شاء الله تعالى. وذكر الواقدي عن شيوخه. قالوا: ولما شك في موت النبي


(١) ان سيوفنا لمسلولة. عن ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>