للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ١٦: ١٢٠- ١٢٣ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ والله إن يستقسما بِالْأَزْلَامِ قَطُّ [١] لَمْ يُخْرِجْهُ مُسْلِمٌ وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْبُخَارِيِّ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ شَيْخَنَا لَمْ يَسْتَقْسِمْ بِهَا قَطُّ. فَقَوْلُهُ (أُمَّةً) أَيْ قُدْوَةً إِمَامًا مُهْتَدِيًا دَاعِيًا إِلَى الْخَيْرِ يقتدى به فيه (قانِتاً لِلَّهِ) ١٦: ١٢٠ أَيْ خَاشِعًا لَهُ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ (حَنِيفاً) ٢: ١٣٥ أَيْ مُخْلِصًا عَلَى بَصِيرَةٍ (وَلَمْ يَكُ من الْمُشْرِكِينَ. شاكِراً لِأَنْعُمِهِ) ١٦: ١٢٠- ١٢١ أَيْ قَائِمًا بِشُكْرِ رَبِّهِ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ مِنْ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَأَعْمَالِهِ (اجْتَباهُ) ١٦: ١٢١ أَيِ اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَاصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ وَاتَّخَذَهُ خَلِيلًا وَجَمَعَ لَهُ بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقَالَ تَعَالَى وَمن أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا ٤: ١٢٥ يُرَغِّبُ تَعَالَى فِي اتِّبَاعِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَقَدْ قَامَ بِجَمِيعِ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ وَمَدَحَهُ تَعَالَى بِذَلِكَ فَقَالَ (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) ٥٣: ٣٧ وَلِهَذَا اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا وَالْخُلَّةُ هِيَ غَايَةُ الْمَحَبَّةِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ

قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي ... وَبِذَا سُمِّيَ الْخَلِيلُ خَلِيلًا

وَهَكَذَا نَالَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيِّدُ الرُّسُلِ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. وَقَالَ أَيْضًا فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَثَبَتَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ إِنَّ مُعَاذًا لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ فَقَرَأَ وَاتَّخَذَ الله إبراهيم خليلا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن أحمد ابن أُسَيْدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزْجَانِيُّ بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صالح عن سلمة ابن وَهْرَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَلَسَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَهُ فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُمْ سَمِعَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ فَسَمِعَ حَدِيثَهُمْ وَإِذَا بَعْضُهُمْ يَقُولُ عَجَبٌ أَنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ مِنْ خَلْقِهِ خَلِيلًا فَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُهُ وَقَالَ آخَرُ مَاذَا بِأَعْجَبَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا. وَقَالَ آخَرُ فَعِيسَى رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ.

وَقَالَ آخَرُ آدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ فَسَلَّمَ وَقَالَ قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكُمْ وَعَجَبَكُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خليل الله وهو


[١] قوله ان استقسما إن نافية. أي والله ما استقسما بالأزلام قط محمود الامام

<<  <  ج: ص:  >  >>