للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب فالله أعلم. وقد كان عامر بن فهيرة - ويكنى أبا عمرو - من مولدي الأزد أسود اللون، وكان أولا مولى للطفيل بن الحارث أخى عائشة لأمها أم رومان، فأسلم قديما قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم بن أبى الأرقم التي عند الصفا مستخفيا، فكان عامر يعذب مع جملة المستضعفين بمكة ليرجع عن دينه فيأبى، فاشتراه ابو بكر الصديق فأعتقه، فكان يرعى له غنما بظاهر مكة. ولما هاجر رسول الله ومعه أبو بكر كان معهما رديفا لأبى بكر ومعهم الدليل الدئلي فقط كما تقدم مبسوطا، ولما وردوا المدينة نزل عامر [بن فهيرة] على سعد بن خيثمة، وآخى رسول الله بينه وبين أوس بن معاذ وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة كما تقدم وذلك سنة أربع من الهجرة، وكان عمره إذ ذاك أربعين سنة فالله أعلم. وقد ذكر عروة وابن إسحاق والواقدي وغير واحد، أن عامرا قتله يوم بئر معونة رجل يقال له جبار بن سلمى من بنى كلاب، فلما طعنه بالرمح قال: فزت ورب الكعبة، ورفع عامر حتى غاب عن الأبصار حتى قال عامر بن الطفيل: لقد رفع حتى رأيت السماء دونه، وسئل عمرو بن أمية عنه فقال: كان من أفضلنا ومن أول أهل بيت نبينا قال جبار: فسألت الضحاك بن سفيان عما قال ما يعنى به؟ فقال يعنى الجنة. ودعاني الضحاك الى الإسلام فأسلمت لما رأيت من قتل عامر بن فهيرة، فكتب الضحاك الى رسول الله يخبره بإسلامي وما كان من أمر عامر، فقال «وارته الملائكة وأنزل عليين» وفي الصحيحين عن أنس أنه قال:

قرأنا فيهم قرآنا أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا. وقد تقدم ذلك وبيانه في موضعه عند غزوة بئر معونة. وقال محمد بن إسحاق: حدثني هشام بن عروة عن أبيه أن عامر بن الطفيل كان يقول: من رجل منكم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه؟ قالوا عامر بن فهيرة. وقال الواقدي حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة عن عائشة قال: رفع عامر بن فهيرة الى السماء فلم توجد جثته، يرون أن الملائكة وارته.

ومنهم عبد الله بن أرقم بن أبى الأرقم المخزومي. أسلّم عام الفتح وكتب للنّبيّ . قال الامام مالك: وكان ينفذ ما يفعله ويشكره ويستجيده. وقال سلمة عن محمد بن إسحاق ابن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله استكتب عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث، وكان يجيب عنه الملوك، وبلغ من أمانته أنه [كان يأمره أن] يكتب الى بعض الملوك فيكتب، ويختم على ما يقرأه لأمانته عنده. وكتب لأبى بكر وجعل اليه بيت المال، وأقره عليهما عمر بن الخطاب، فلما كان عثمان عزله عنهما.

قلت: وذلك بعد ما استعفاه عبد الله بن أرقم، ويقال إن عثمان عرض عليه ثلاثمائة ألف درهم عن أجرة عمالته فأبى أن يقبلها وقال: إنما عملت لله فأجرى على الله ﷿.

<<  <  ج: ص:  >  >>