نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك كتابا، قال: فدعا بصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية، فنزل جبريل ﵇ فقال:
﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظّالِمِينَ﴾ ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال:«وَكَذلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ» ثم قال: «وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» قال:
فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، فكان رسول الله ﷺ يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله ﷿:«وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ» ولا تجالس الأشراف «وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا» يعنى عيينة والأقرع «وَاِتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً» قال: هلاكا، قال (١) أمر عيينة والأقرع، ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا، قال خباب: فكنا نقعد مع رسول الله ﷺ فإذا بلغنا الساعة التي يقوم قمنا وتركناه حتى يقوم * ثم قال ابن ماجة: حدثنا يحيى بن حكيم ثنا أبو داود، ثنا قيس بن الربيع عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد قال، نزلت هذه الآية فينا ستة، فىّ وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال. قال قالت قريش: يا رسول الله انا لا نرضى أن نكون أتباعا لهم فاطردهم عنك، قال: فدخل قلب رسول الله ﷺ من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فأنزل الله ﷿:«وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» الآية *
وقال الحافظ البيهقي: أنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، ثنا أبو الحسن خلف ابن محمد الواسطي الدوسيّ، ثنا يزيد بن هارون، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا المعلى بن زياد - يعنى عن العلاء بن بشير المازني [عن] أبى الصديق الناجي - عن أبى سعيد الخدريّ قال: كنت في عصابة من المهاجرين جالسا معهم وإن بعضهم ليستتر ببعض من العرى، وقارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نسمع إلى كتاب الله فقال رسول الله: الحمد لله الّذي جعل من أمتى من أمرت أن أصبر معهم نفسي، قال فاستدارت الحلقة وبرزت وجوههم، قال: فما عرف رسول الله أحدا منهم غيري، فقال رسول الله: أبشروا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور يوم القيامة، تدخلون قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمسمائة عام * وقد روى الامام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال لم يكن شخص أحب اليهم من رسول الله ﷺ، قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك.