تنغصت حين ذكروا الله ﷿، فأنزلهم في دار ضيافته ثم استدعاهم بعد ثلاث فدعا بشيء نحو الربعة العظيمة فيها بيوت صغار عليها أبواب، وإذا فيها صور الأنبياء ممثلة في قطع من حرير من آدم إلى محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فجعل يخرج لهم واحدا واحدا ويخبرهم عنه، وأخرج لهم صورة آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم تعجل إخراج صورة رسول الله ﷺ، قال: ثم فتح بابا آخر فإذا فيها صورة بيضاء، وإذا والله رسول الله ﷺ، قال: أتعرفون هذا؟ قلنا: نعم، محمد رسول الله، قال: وبكينا قال: والله يعلم أنه قام قائما ثم جلس وقال: والله إنه لهو؟ قلنا: نعم إنه لهو كما تنظر إليه، فأمسك ساعة ينظر إليها ثم قال: أما إنه كان آخر البيوت ولكنى عجلته لكم لأنظر ما عندكم، ثم ذكر تمام الحديث في إخراجه بقية صور الأنبياء وتعريفه إياهما بهم، وقال في آخره قلنا له: من أين لك هذه الصور؟ لأنا نعلم أنها ما على صوّرت عليه الأنبياء ﵈، لأنا رأينا صورة نبينا ﵇ مثله، فقال: إن آدم ﵇ سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده، فأنزل عليه صورهم فكانت في خزانة آدم ﵇ عند مغرب الشمس فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس فدفعها إلى دانيال، ثم قال: أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي وأنى كنت عبدا لأشرّكم ملكة حتى أموت، قال: ثم أجازنا فأحسن جائزتنا وسرّحنا، فلما أتينا أبا بكر الصديق ﵁ حدثناه بما رأينا وما قال لنا وما أجازنا، قال: فبكى أبو بكر فقال: مسكين لو أراد الله به خيرا لفعل ثم قال: أخبرنا رسول الله ﷺ أنهم واليهود يجدون نعت محمد ﷺ عندهم.
[وقال الواقدي: حدثني على بن عيسى الحكيمي عن أبيه، عن عامر بن ربيعة قال: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول: أنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل، ثم من بنى عبد المطلب ولا أرانى أدركه وأنا أومن به وأصدقه وأشهد برسالته، فان طالت بك مدة فرأيته فأقرئه منى السلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك. قلت: هلمّ، قال: هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بكثير الشعر ولا بقليله، وليست تفارق عينيه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه ثم يخرجه قوم منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره، فإياك أن تخدع عنه فانى طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم فكل من سأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون: هذا الدين وذاك، وينعتونه مثل ما نعته لك، ويقولون لم يبق نبي غيره * قال عامر بن ربيعة: فلما أسلمت أخبرت النبي ﷺ، قول زيد بن عمرو بن نفيل واقرائه منه السلام، فرد عليه السلام وترحم عليه، وقال: قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا.