للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلماني وشريح القاضي وعامر الشعبي وأضرابهم، ثم في ترك الأئمة كما لك وأصحاب الكتب الستة وأصحاب المسانيد والسنن والصحاح والحسان رواية هذا الحديث وإيداعه في كتبهم أكبر دليل على أنه لا أصل له عندهم وهو مفتعل مأفوك بعدهم، وهذا أبو عبد الرحمن النسائي قد جمع كتابا في خصائص على بن أبى طالب ولم يذكره، وكذلك لم يروه الحاكم في مستدركه وكلاهما ينسب إلى شيء من التشيع ولا رواه من رواه من الناس المعتبرين إلا على سبيل الاستغراب والتعجب، وكيف يقع مثل هذا نهارا جهرة وهو مما تتوفر الدواعي على نقله، ثم لا يروى إلا من طرق ضعيفة منكرة وأكثرها مركبة موضوعة وأجود ما فيها ما قدمناه من طريق أحمد بن صالح المصري عن ابن أبى فديك عن محمد بن موسى الفطري عن عون بن محمد عن أمه أم جعفر عن أسماء على ما فيها من التعليل الّذي أشرنا إليه فيما سلف * وقد اغتر بذلك أحمد بن صالح ومال إلى صحته، ورجح ثبوته، قال الطحاوي في كتابه مشكل الحديث: عن على بن عبد الرحمن عن أحمد بن صالح المصري أنه كان يقول: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء في رد الشمس، لأنه من علامات النبوة. وهكذا مال إليه أبو جعفر الطحاوي أيضا فيما قيل. ونقل أبو القاسم الحسكانيّ هذا عن أبى عبد الله البصري المتكلم المعتزلي أنه قال: عود الشمس بعد مغيبها آكد حالا فيما يقتضي نقله، لأنه وإن كان فضيلة لأمير المؤمنين فإنه من أعلام النبوة وهو مقارن لغيره في فضائله في كثير من أعلام النبوة. وحاصل هذا الكلام يقتضي أنه كان ينبغي أن ينقل هذا نقلا متواترا، وهذا حق لو كان الحديث صحيحا، ولكنه لم ينقل كذلك فدل على أنه ليس بصحيح في نفس الأمر والله أعلم * قلت: والأئمة في كل عصر ينكرون صحة هذا الحديث ويردونه ويبالغون في التشنيع على رواته كما قدمنا عن غير واحد من الحفاظ، كمحمد ويعلى بن عبيد الطنافسيين، وكإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني خطيب دمشق وكأبى بكر محمد بن حاتم البخاري المعروف بابن زنجويه، وكالحافظ أبى القاسم بن عساكر والشيخ أبى الفرج ابن الجوزي وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين، وممن صرح بأنه موضوع شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي والعلامة أبو العباس بن تيمية، وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابورىّ: قرأت على قاضى القضاة أبى الحسن محمد بن صالح الهاشمي: ثنا عبد الله بن الحسين بن موسى، ثنا عبد الله بن على [بن] المديني قال: سمعت أبى يقول: خمسة أحاديث يروونها ولا أصل لها عن رسول الله

حديث: لو صدق السائل ما أفلح من رده،

وحديث لا وجع إلا وجع العين ولا غم، إلا غم الدين، وحديث أن الشمس ردت على على بن أبى طالب،

وحديث أنا أكرم على الله من أن يدعني تحت الأرض مائتي عام،

وحديث أفطر الحاجم والمحجوم إنهما كانا يغتابان. والطحاوي وإن كان قد اشتبه عليه أمره فقد روى عن أبى حنيفة إنكاره والتهكم بمن رواه، قال أبو العباس بن عقدة: ثنا جعفر

<<  <  ج: ص:  >  >>