ثم روى أحمد عن سليمان بن داود الهاشمي عن إسماعيل بن جعفر: أخبرنى يزيد بن حصيفة أن بشر بن سعيد أخبره أنه سمع في مجلس المكيين يذكرون أن سفيان أخبرهم، فذكر قصة وفيها: أن رسول الله ﷺ قال له: ويوشك الشام أن يفتح فيأتيه رجال من هذا البلد - يعنى المدينة - فيعجبهم ربعهم ورخاؤه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح العراق فيأتى قوم يثبون فيحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون * وأخرجه ابن خزيمة من طريق إسماعيل، ورواه الحافظ ابن عساكر من حديث أبى ذر عن النبي ﷺ بنحوه، وكذا حديث ابن حوالة ويشهد لذلك: منعت الشام مدها ودينارها، ومنعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم * وهو في الصحيح، وكذا حديث:
المواقيت لأهل الشام واليمن، وهو في الصحيحين وعند مسلم: ميقات أهل العراق، ويشهد لذلك أيضا
حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والّذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ﷿ *
وفي صحيح البخاري من حديث أبى إدريس الخولانيّ عن عوف بن مالك أنه قال: قال رسول الله ﷺ في غزوة تبوك: اعدد ستا بين يدي الساعة، فذكر موته ﵇، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان - وهو الوباء - ثم كثرة المال، ثم فتنة، ثم هدنة بين المسلمين والروم، وسيأتي الحديث فيما بعد *
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الرحمن بن شماسة عن أبى زرّ قال: قال رسول الله ﷺ: إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا، فان لهم ذمة ورحما، فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها. قال: فمر بربيعة وعبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة يختصمان في موضع لبنة فخرج منها - يعنى ديار مصر على يدي عمرو بن العاص في سنة عشرين كما سيأتي *
وروى ابن وهب عن مالك والليث عن الزهري عن ابن لكعب بن مالك، أن رسول الله ﷺ قال: إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فان لهم ذمة ورحما * رواه البيهقي من حديث إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه * وحكى أحمد بن حنبل عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله: ذمة ورحما، فقال:
من الناس من قال: إن أم إسماعيل - هاجر - كانت قبطية، ومن الناس من قال: أم إبراهيم، قلت:
الصحيح الّذي لا شك فيه أنهما قبطيتان كما قدمنا ذلك، ومعنى قوله: ذمة، يعنى بذلك هدية المقوقس إليه وقبوله ذلك منه، وذلك نوع ذمام ومهادنة، والله تعالى أعلم * وتقدم ما رواه البخاري من حديث محل بن خليفة عن عدي بن حاتم في فتح كنوز كسرى وانتشار الأمن، وفيضان المال حتى لا يتقبله أحد، وفي الحديث أن عديا شهد الفتح ورأى الظعينة ترتحل من الحيرة إلى مكة لا تخاف إلا الله، قال: ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال أبو القاسم ﷺ، من كثرة المال حتى لا يقبله أحد * قال