سِيَّمَا مَعَ امْتِثَالِهِمَا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ، قَالَ: وَأَمَرَ عِذْقًا مِنْ نَخْلَةٍ أَنْ يَنْزِلَ فَنَزَلَ يبقر فِي الْأَرْضِ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَشَهِدَ بِذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ، وَهَذَا أَلْيَقُ وَأَظْهَرُ فِي الْمُطَابَقَةِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَكِنْ هَذَا السِّيَاقُ فِيهِ غَرَابَةٌ، وَالَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ من رواية أبى ظبيان حصين بن المنذر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بِمَ أَعْرِفُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فدعا العذق فجعل العذق ينزل من النخلة حتى سقط في الأرض فجعل ينقر حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قال له: ارجع، فرجع إِلَى مَكَانِهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَآمَنَ بِهِ هَذَا لَفْظُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِالرِّسَالَةِ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَلَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي يَقُولُ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ وَحَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْذَاقٌ وَشَجَرٌ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَا غُصْنًا مِنْهَا فَأَقْبَلَ يَخُدُّ الْأَرْضَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فرجع، قال: فرجع العامري وهو يقول، قال عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ: وَاللَّهِ لَا أُكَذِّبُهُ بِشَيْءٍ يَقُولُهُ أَبَدًا وَتَقَدَّمَ فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مُتَفَرِّدًا بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا رَجُلًا إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَاهِدٍ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ، فَدَعَاهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عَلَى شَاطِئِ الْوَادِي فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ خَدًّا فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلَاثًا فَشَهِدَتْ أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ إِنَّهَا رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا وَرَجَعَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ: إِنْ يَتَّبِعُونِي أَتَيْتُكَ بِهِمْ وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَيْكَ وَكُنْتُ مَعَكَ قَالَ: وَأَمَّا حَنِينُ الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعُمِلَ لَهُ الْمِنْبَرُ، فَلَمَّا رَقِيَ عَلَيْهِ وَخَطَبَ حَنَّ الجذع اليه حنين العشار والناس يسمعون بِمَشْهَدِ الْخَلْقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَزَلْ يَئِنُّ وَيَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهُ وَسَكَّنَهُ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ غُصْنًا طَرِيًّا أَوْ يُغْرَسَ فِي الْجَنَّةِ يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، فَاخْتَارَ الْغَرْسَ فِي الْجَنَّةِ وَسَكَنَ عِنْدَ ذَلِكَ فَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ، قَدْ رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مُتَوَاتِرٌ، وَكَانَ بِحُضُورِ الْخَلَائِقِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ من تواتر حنين الجذع كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَنْهُمْ أَعْدَادٌ مِنَ التَّابِعِينَ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ آخَرُونَ عَنْهُمْ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا تَخْيِيرُ الْجِذْعِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فَلَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ، بَلْ وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ، وَقَدْ أَوْرَدْتُهُ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَذُكِرَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ، وَعَنْ أَنَسٍ مِنْ خَمْسِ طُرُقٍ إِلَيْهِ، صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ إِحْدَاهَا، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أُخْرَى، وَأَحْمَدُ ثَالِثَةً، وَالْبَزَّارُ رَابِعَةً، وَأَبُو نُعَيْمٍ خَامِسَةً. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبَدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْهُ، وَالْبَزَّارُ مِنْ ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ، وأحمد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute