للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيوف الله سله الله على المشركين. ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك فأنا من أشد المسلمين على المشركين.

فقال جرجه: يا خالد إلى ما تدعون؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله ﷿. قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية ونمنعهم. قال: فإن لم يعطها قال: نؤذنه بالحرب ثم نقاتله. قال: فما منزلة من يجيبكم ويدخل في هذا الأمر اليوم؟ قال منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا، شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا. قال جرجه: فلمن دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم من الأجر والذخر؟ قال: نعم وأفضل. قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟ فقال خالد: إنا قبلنا هذا الأمر عنوة وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتاب ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا؟ فقال جرجه: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني؟ قال: تالله لقد صدقتك وان الله ولى ما سألت عنه. فعند ذلك قلب جرجه الترس ومال مع خالد وقال: علمني الإسلام، فمال به خالد إلى فسطاطه فسنّ عليه قربة من ماء ثم صلى به ركعتين. وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها منه حملة فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية عليهم عكرمة بن أبى جهل والحرث بن هشام. فركب خالد وجرجه معه والروم خلال المسلمين، فتنادى الناس وثابوا وتراجعت الروم إلى مواقفهم وزحف خالد بالمسلمين حتى تصافحوا بالسيوف فضرب فيهم خالد وجرجه من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب. وصلى المسلمون صلاة الظهر وصلاة العصر إيماء، وأصيب جرجه ولم يصل لله إلا تلك الركعتين مع خالد . وضعضعت الروم عند ذلك. ثم نهد خالد بالقلب حتى صار في وسط خيول الروم، فعند ذلك هربت خيالتهم، وأسندت بهم في تلك الصحراء، وأفرج المسلمون بخيولهم حتى ذهبوا. وأخر الناس صلاتي العشاءين حتى استقر الفتح، وعمد خالد إلى رحل الروم وهم الرجالة ففصلوهم عن آخرهم حتى صاروا كأنهم حائط قد هدم ثم تبعوا من فر من الخيالة واقتحم خالد عليهم خندقهم، وجاء الروم في ظلام الليل إلى الواقوصة، فجعل الذين تسلسلوا وقيدوا بعضهم ببعض إذا سقط واحد منهم سقط الذين معه. قال ابن جرير وغيره: فسقط فيها وقتل عندها مائة ألف وعشرون ألفا سوى من قتل في المعركة. وقد قاتل نساء المسلمين في هذا اليوم وقتلوا خلقا كثيرا من الروم، وكن يضربن من انهزم من المسلمين ويقلن:

أين تذهبون وتدعوننا للعلوج؟ فإذا زجرنهم لا يملك أحد نفسه حتى يرجع إلى القتال.

قال وتجلل القيقلان وأشراف من قومه من الروم ببرانسهم وقالوا: إذا لم نقدر على نصر دين

<<  <  ج: ص:  >  >>