للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصرانية فلنمت على دينهم. فجاء المسلمون فقتلوهم عن آخرهم. قالوا: وقتل في هذا اليوم من المسلمين ثلاثة آلاف منهم عكرمة وابنه عمرو، وسلمة بن هشام، وعمرو بن سعيد، وأبان بن سعيد، وأثبت خالد بن سعيد فلا يدرى أين ذهب وضرار بن الأزور، وهشام بن العاص وعمرو بن الطفيل بن عمرو الدوسيّ، وحقق الله رؤيا أبيه يوم اليمامة. وقد أتلف في هذا اليوم جماعة من الناس انهزم عمرو ابن العاص في أربعة حتى وصلوا إلى النساء ثم رجعوا حين زجرهم النساء، وانكشف شرحبيل بن حسنة وأصحابه ثم تراجعوا حين وعظهم الأمير بقوله تعالى ﴿إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ﴾ الآية.

وثبت يومئذ يزيد بن أبي سفيان وقاتل قتالا شديدا، وذلك أن أباه مر به فقال له: يا بنى عليك بتقوى الله والصبر فإنه ليس رجل بهذا الوادي من المسلمين الا محفوفا بالقتال، فكيف بك وبأشباهك الذين ولوا أمور المسلمين؟! أولئك أحق الناس بالصبر والنصيحة، فاتق الله يا بنى ولا يكونن أحد من أصحابك بأرغب في الأجر والصبر في الحرب ولا أجرأ على عدو الإسلام منك. فقال: أفعل إن شاء الله. فقاتل يومئذ قتالا شديدا وكان من ناحية القلب ، وقال سعيد بن المسيب عن أبيه قال: هدأت الأصوات يوم اليرموك فسمعنا صوتا يكاد يملأ العسكر يقول: يا نصر الله اقترب، الثبات الثبات يا معشر المسلمين، قال: فنظرنا فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه يزيد. وأكمل خالد ليلته في خيمة تدارق أخى هرقل - وهو أمير الروم كلهم يومئذ - هرب فيمن هرب، وباتت الخيول تجول نحو خيمة خالد يقتلون من مر بهم من الروم حتى أصبحوا، وقتل تدارق وكان له ثلاثون سرادقا وثلاثون رواقا من ديباج بما فيها من الفرش والحرير، فلما كان الصباح حازوا ما كان لك من الغنائم. وما فرحوا بما وجدوا بقدر حزنهم على الصديق حين أعلمهم خالد بذلك ولكن عوضهم الله بالفاروق .

وقال خالد حين عزى المسلمين في الصديق: الحمد لله الّذي قضى على أبى بكر بالموت، وكان أحب إلى من عمر، والحمد لله الّذي ولى عمر وكان أبغض إلى من أبى بكر وألزمنى حبه.

وقد اتبع خالد من انهزم من الروم حتى وصل إلى دمشق فخرج إليه أهلها فقالوا: نحن على عهدنا وصلحنا؟ قال: نعم. ثم اتبعهم إلى ثنية العقاب فقتل منهم خلقا كثيرا ثم ساق وراءهم إلى حمص فخرج إليه أهلها فصالحهم كما صالح أهل دمشق. وبعث أبو عبيدة عياض بن غنم وراءهم أيضا فساق حتى وصل ملطية فصالحه أهلها ورجع. فلما بلغ هرقل ذلك بعث إلى مقاتليها فحضروا بين يديه وأمر بملطية فحرقت وانتهت الروم منهزمة إلى هرقل وهو بحمص والمسلمون في آثارهم يقتلون ويأسرون ويغنمون. فلما وصل الخبر إلى هرقل ارتحل من حمص وجعلها بينه وبين المسلمين وترس بها وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>