القادسية هذه، يرون أن ثبات ملكهم وزواله بها، وقد بعث أهل كل بلدة قاصدا يكشف ما يكون من خبرهم، فلما كان ما كان من الفتح سبقت الجن بالبشارة إلى أقصى البلاد قبل رسل الأنس فسمعت امرأة ليلا بصنعاء على رأس جبل وهي تقول:
فحييت عنا عكرم ابنة خالد … وما خير زاد بالقليل المصرد
وحييت عنى الشمس عند طلوعها … وحييت عنى كل تاج مفرد
وحيتك عنى عصبة نخعية … حسان الوجوه آمنوا بمحمد
أقاموا لكسرى يضربون جنوده … بكل رقيق الشفرتين مهند
إذا ثوّب الداعي أناخوا بكلكل … من الموت مسود الغياطل أجرد
قالوا: وسمع أهل اليمامة مجتازا يغنى بهذه الأبيات:
وجدنا الأكرمين بنى تميم … غداة الروع أكثرهم رجالا
هموا ساروا بارعن مكفهر … إلى لجب يرونهم رعالا
بحور للأكاسر من رجال … كأسد الغاب تحسبهم جبالا
تركن لهم بقادس عزّ فخر … وبالخيفين أياما طوالا
مقطعة أكفهم وسوق … بمرد حيث قابلت الرجالا
قالوا: وسمع ذلك في سائر بلاد العرب، وقد كانت بلاد العراق بكمالها التي فتحها خالد نقضت العهود والذمم والمواثيق التي كانوا أعطوها خالدا، سوى أهل بانقيا وبرسما، وأهل أليس الآخرة ثم عاد الجميع بعد هذه الوقعة التي أوردناها، وادعوا أن الفرس أجبروهم على نقض العهود، وأخذوا منهم الخراج وغير ذلك. فصدقوهم في ذلك تألفا لقلوبهم وسنذكر حكم أهل السواد في كتابنا الأحكام الكبير إن شاء الله تعالى. وقد ذهب ابن إسحاق وغيره إلى أن وقعة القادسية كانت في سنة خمس عشرة. وزعم الواقدي أنها كانت في سنة ست عشرة. وأما سيف بن عمرو جماعة فذكروها في سنة أربع عشرة، وفيها ذكرها ابن جرير فالله أعلم.
قال ابن جرير والواقدي: في سنة أربع عشرة جمع عمر بن الخطاب الناس على أبى بن كعب في التراويح وذلك في شهر رمضان منها، وكتب إلى سائر الأمصار يأمرهم بالاجتماع في قيام شهر رمضان قال ابن جرير وفيها بعث عمر بن الخطاب عتبة بن غزوان إلى البصرة وأمره أن ينزل فيها بمن معه من المسلمين، وقطع مادة أهل فارس عن الذين بالمدائن ونواحيها منهم في قول المدائني، وروايته. قال:
وزعم سيف أن البصرة إنما مصرت في ربيع من سنة ست عشرة وأن عتبة بن غزوان إنما خرج إلى البصرة من المدائن بعد فراغ سعد من جلولاء وتكريت، وجهه إليها سعد بأمر عمر ﵃.