للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) اجتمع بهما خصوصا وحدهما دون إخوته ﴿وَقالَ اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ﴾ قيل هذا من المقدم والمؤخر تقديره ادخلوا مصر وآوى اليه أبويه. وضعفه ابن جرير وهو معذور * قيل تلقاهما وآواهما في منزل الخيام. ثم لما اقتربوا من باب مصر ﴿قالَ اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ﴾ قاله السدي. ولو قيل إن الأمر لا يحتاج الى هذا أيضا وانه ضمن قوله أدخلوا مغنى اسكنوا مصر أو أقيموا بها ﴿إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ﴾ لكان صحيحا مليحا أيضا وعند أهل الكتاب أن يعقوب لما وصل الى أرض جاشر وهي أرض بلبيس خرج يوسف لتلقيه وكان يعقوب قد بعث ابنه يهوذا بين يديه مبشرا بقدومه وعندهم أن الملك أطلق لهم أرض جاشر يكونون فيها ويقيمون بها بنعمهم ومواشيهم * وقد ذكر جماعة من المفسرين أنه لما أزف قدوم نبي الله يعقوب وهو إسرائيل أراد يوسف أن يخرج لتلقيه فركب معه الملك وجنوده خدمة ليوسف وتعظيما لنبي الله إسرائيل وأنه دعا للملك وأن الله رفع عن أهل مصر بقية سنى الجدب ببركة قدومه اليهم فالله أعلم وكان جملة من قدم مع يعقوب من بنيه وأولادهم فيما قاله أبو إسحاق السبيعي عن ابى عبيدة عن ابن مسعود ثلاثة وستين إنسانا * وقال موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن عبد الله بن شداد كانوا ثلاثة وثمانين إنسانا. وقال ابو إسحاق عن مسروق دخلوا وهم ثلاثمائة وتسعون إنسانا: قالوا وخرجوا مع موسى وهم أزيد من ستمائة ألف مقاتل * وفي نص أهل الكتاب أنهم كانوا سبعين نفسا وسموهم.

قال الله تعالى ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ قيل كانت أمه قد ماتت كما هو عند علماء التوراة. وقال بعض المفسرين فأحياها الله تعالى وقال آخرون بل كانت خالته ليا والخالة بمنزلة الام. وقال ابن جرير وآخرون بل ظاهر القرآن يقتضي بقاء حياة أمه الى يومئذ فلا يعول على نقل أهل الكتاب فيما خالفه وهذا قوى والله أعلم. ورفعهما على العرش أي أجلسهما معه على سريره ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً﴾ أي سجد له الأبوان والاخوة الأحد عشر تعظيما وتكريما وكان هذا مشروعا لهم ولم يزل ذلك معمولا به في سائر الشرائع حتى حرم في ملتنا. ﴿وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ﴾ أي هذا تعبير ما كنت قصصته عليك من رؤيتي الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر حين رأيتهم لي ساجدين وأمرتنى بكتمانها ووعدتني ما وعدتني عند ذلك ﴿قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ أي بعد الهم والضيق جعلني حاكما نافذ الكلمة في الديار المصرية حيث شئت ﴿وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾ أي البادية وكانوا يسكنون أرض العربات من بلاد الخليل ﴿مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ أي فيما كان منهم الىّ من الأمر الّذي تقدم وسبق ذكره * ثم قال ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ﴾ أي إذا أراد شيئا هيأ أسبابه ويسرها وسهلها من وجوه لا يهتدى اليها العباد بل يقدرها وييسرها بلطيف صنعه وعظيم قدرته ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ﴾ أي بجميع الأمور ﴿الْحَكِيمُ﴾ في خلقه وشرعه وقدره.

<<  <  ج: ص:  >  >>