تَعْلَمُونَ) أي أعلم أن الله سيجمع شملي بيوسف وستقر عيني به وسيرينى فيه ومنه ما يسرني فعند ذلك ﴿قالُوا يا أَبانَا اِسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ﴾. طلبوا منه أن يستغفر لهم الله ﷿ عما كانوا فعلوا ونالوا منه ومن ابنه وما كانوا عزموا عليه. ولما كان من نيتهم التوبة قبل الفعل وفقهم الله للاستغفار عند وقوع ذلك منهم فأجابهم أبوهم الى ما سألوا وما عليه عولوا قائلا ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
قال ابن مسعود وإبراهيم التيمي وعمرو بن قيس وابن جريج وغيرهم أرجأهم الى وقت السحر قال ابن جرير حدثني أبو السائب حدثنا ابن إدريس سمعت عبد الرحمن بن سحق يذكر عن محارب ابن دثار قال كان عمر يأتى المسجد فسمع إنسانا يقول (اللهمّ دعوتني فأجبت وأمرتنى فأطعت وهذا السحر فاغفر لي) قال فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود فسأل عبد الله عن ذلك فقال إن يعقوب أخر بنيه الى السحر بقوله ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ وقد قال الله تعالى ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ﴾ وثبت
في الصحيح عن رسول الله ﷺ قال (ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا فيقول هل من تائب فأتوب عليه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فاغفر له) وقد ورد في حديث (أن يعقوب أرجأ بنيه الى ليلة الجمعة)
قال ابن جرير حدثني المثنى. ثنا سليمان بن عبد الرحمن بن أيوب الدمشقيّ حدثنا الوليد أنبأنا ابن جريج عن عطاء وعكرمة عن ابن عباس عن رسول الله ﷺ ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ يقول حتى تأتى ليلة الجمعة وهو قول أخى يعقوب لبنيه. وهذا غريب من هذا الوجه.
وفي رفعه نظر والأشبه أن يكون موقوفا على ابن عباس ﵁. ﴿فَلَمّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ﴾ هذا إخبار عن حال اجتماع المتحابين بعد الفرقة الطويلة التي قيل انها ثمانون سنة وقيل ثلاث وثمانون سنة وهما روايتان عن الحسن. وقيل خمس وثلاثون سنة قاله قتادة. وقال محمد ابن إسحاق ذكروا أنه غاب عنه ثماني عشرة سنة * قال وأهل الكتاب يزعمون أنه غاب عنه أربعين سنة وظاهر سباق القصة يرشد الى تحديد المدة تقريبا فان المرأة راودته وهو شاب ابن سبع عشرة سنة فيما قاله غير واحد فامتنع فكان في السجن بضع سنين وهي سبع عند عكرمة وغيره. ثم أخرج فكانت سنوات الخصب السبع ثم لما أمحل الناس في السبع البواقي جاء إخوتهم يمتارون في السنة الأولى وحدهم وفي الثانية ومعهم أخوه بنيامين. وفي الثالثة تعرف اليهم وأمرهم بإحضار أهلهم أجمعين فجاءوا كلهم ﴿فَلَمّا دَخَلُوا﴾