للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ) ١٢: ٩٦ أَيْ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ سَيَجْمَعُ شَمْلِي بِيُوسُفَ وَسَتَقَرُّ عَيْنِي بِهِ وَسَيُرِينِي فِيهِ وَمِنْهُ مَا يَسُرُّنِي فَعِنْدَ ذَلِكَ (قالُوا يَا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) ١٢: ٩٧. طلبوا منه أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا كَانُوا فَعَلُوا وَنَالُوا مِنْهُ وَمِنِ ابْنِهِ وَمَا كَانُوا عَزَمُوا عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ نِيَّتِهِمُ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْفِعْلِ وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِلِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَأَجَابَهُمْ أَبُوهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا وَمَا عَلَيْهِ عَوَّلُوا قَائِلًا (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ١٢: ٩٨.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمْ أَرْجَأَهُمْ إِلَى وَقْتِ السَّحَرِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سحق يذكر عن محارب ابن دثار قال كان عمر يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ إِنْسَانًا يَقُولُ (اللَّهمّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُ وَأَمَرْتَنِي فَأَطَعْتُ وَهَذَا السَّحَرُ فَاغْفِرْ لِي) قَالَ فَاسْتَمَعَ الصَّوْتَ فَإِذَا هُوَ مِنْ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ يَعْقُوبَ أَخَّرَ بَنِيهِ إِلَى السَّحَرِ بِقَوْلِهِ (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ١٢: ٩٨ وقد قال الله تعالى وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ٣: ١٧ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ) وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ (أَنَّ يَعْقُوبَ أَرْجَأَ بَنِيهِ إِلَى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ) قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى. ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ١٢: ٩٨ يَقُولُ حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَخِي يَعْقُوبَ لِبَنِيهِ. وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَفِي رَفْعِهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقال ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقال يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) ١٢: ٩٩- ١٠١ هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ اجْتِمَاعِ الْمُتَحَابِّينَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي قِيلَ إِنَّهَا ثَمَانُونَ سَنَةً وقيل ثلاث وَثَمَانُونَ سَنَةً وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْحَسَنِ. وَقِيلَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ ابن إِسْحَاقَ ذَكَرُوا أَنَّهُ غَابَ عَنْهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ غَابَ عنه أربعين سنة وظاهر سباق الْقِصَّةِ يُرْشِدُ إِلَى تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ تَقْرِيبًا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَاوَدَتْهُ وَهُوَ شَابٌّ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِيمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَامْتَنَعَ فَكَانَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَهِيَ سَبْعٌ عِنْدَ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ أُخْرِجَ فَكَانَتْ سَنَوَاتُ الْخِصْبِ السَّبْعُ ثُمَّ لَمَّا أَمْحَلَ النَّاسُ فِي السَّبْعِ البواقي جاء إخوتهم يمتارون في السَّنَةَ الْأُولَى وَحْدَهُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ وَمَعَهُمْ أَخُوهُ بِنْيَامِينُ. وَفِي الثَّالِثَةِ تَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ وَأَمَرَهُمْ بِإِحْضَارِ أَهْلِهِمْ أَجْمَعِينَ فَجَاءُوا كُلُّهُمْ (فَلَمَّا دَخَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>