على من بالبيت إلا أخذ كل واحد منهم بطائفة مما يليه. قال: فمزقوه حتى لم يبق منه شيء. وقال عبد الله بن المبارك عن حماد بن زيد حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبى وائل - ثم شك حماد في أبى وائل - قال: ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال: لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي. وما من عملي شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس والسماء تهلنى تمطر إلى الصبح، حتى نغير على الكفار. ثم قال: إذا أنامت فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله. فلما توفى خرج عمر على جنازته فذكر قوله:
ما على آل نساء الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة.
قال ابن المختار: النقع التراب على الرأس، واللقلقة الصوت. وقد علق البخاري في صحيحه بعض هذا فقال: وقال عمر: دعهن يبكين على أبى سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة. وقال محمد بن سعد ثنا وكيع وأبو معاوية وعبد الله بن نمير قالوا: حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة قال: لما مات خالد ابن الوليد اجتمع نسوة بنى المغيرة في دار خالد يبكين عليه فقيل لعمر: إنهن قد اجتمعن في دار خالد يبكين عليه، وهن خلقاء أن يسمعنك بعض ما تكره. فأرسل إليهن فانههن. فقال عمر: وما عليهنّ أن ينزفن من دموعهن على أبى سليمان، ما لم يكن نقعا أو لقلقة. ورواه البخاري في التاريخ من حديث الأعمش بنحوه.
وقال إسحاق بن بشر وقال محمد: مات خالد بن الوليد بالمدينة فخرج عمر في جنازته وإذا أمه تندبه وتقول:
أنت خير من ألف ألف من القوم … إذا ما كبت وجوه الرجال
فقال: صدقت والله إن كان لذلك.
وقال سيف بن عمر عن شيوخه عن سالم. قال: فأقام خالد في المدينة حتى إذا ظن عمر أنه قد زال ما كان يخشاه من افتتان الناس به، وقد عزم على توليته بعد أن يرجع من الحج، واشتكى خالد بعده وهو خارج من المدينة زائرا لأمه فقال لها: احدرونى إلى مهاجري، فقدمت به المدينة ومرضته فلما ثقل وأظل قدوم عمر لقيه لاق على مسيرة ثلاث صادرا عن حجة فقال له عمريهم (١) فقال: خالد ابن الوليد ثقيل لما به. فطوى عمر ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى، فرق عليه واسترجع وجلس ببابه حتى جهز، وبكته البواكي، فقيل لعمر: ألا تسمع ألا تنهاهن؟ فقال: وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان؟ ما لم يكن نقع ولا لقلقة. فلما خرج لجنازته رأى عمر امرأة محرمة تبكيه وتقول:
أنت خير من ألف ألف من الناس … إذا ما كبت وجوه الرجال