للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمت ذلك؟ قال: لأنه أتى بك النبي يوم سابعك فحنكك ودعا لك بالبركة. ثم دخل عليه رجل آخر من الأنصار فقال له مثل ذلك سواء. ثم دخل محمد بن أبى بكر فقال: أنت قاتلي. قال: وما يدريك يا نعثل؟ قال: لأنه أتى بك رسول الله يوم سابعك ليحنكك ويدعو لك بالبركة، فخريت على رسول الله ، قال: فوثب على صدره وقبض على لحيته، ووجأه بمشاقص كانت في يده». هذا حديث غريب جدا وفيه نكارة. وثبت من غير وجه أن أول قطرة من دمه سقطت على قوله تعالى ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ويروى أنه كان قد وصل إليها في التلاوة أيضا حين دخلوا عليه، وليس ببعيد فإنه كان قد وضع المصحف يقرأ فيه القرآن.

وروى ابن عساكر أنه لما طعن قال: بسم الله توكلت على الله، فلما قطر الدم قال: سبحان الله العظيم. وقد ذكر ابن جرير في تاريخه بأسانيده أن المصريين لما وجدوا ذلك الكتاب مع البريد إلى أمير مصر، فيه الأمر بقتل بعضهم، وصلب بعضهم، وبقطع أيدي بعضهم وأرجلهم، وكان قد كتبه مروان بن الحكم على لسان عثمان، متأولا قوله تعالى ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ وعنده أن هؤلاء الذين خرجوا على أمير المؤمنين عثمان من جملة المفسدين في الأرض، ولا شك أنهم كذلك، لكن لم يكن له أن يفتات على عثمان ويكتب على لسانه بغير علمه، ويزور على خطه، وخاتمه، ويبعث غلامه على بعيره، بعد ما وقع الصلح بين عثمان وبين المصريين، على تأمير محمد بن أبى بكر على مصر، بخلاف ذلك كله، ولهذا لما وجدوا هذا الكتاب على خلاف ما وقع الاتفاق عليه، وظنوا أنه من عثمان، أعظموا ذلك، مع ما هم مشتملون عليه من الشر فرجعوا إلى المدينة فطافوا به على رءوس الصحابة، وأعانهم على ذلك قوم آخرون، حتى ظن بعض الصحابة أن هذا عن أمر عثمان ، فلما قيل لعثمان في أمر هذا الكتاب بحضرة جماعة من أعيان الصحابة وجمهور المصريين، حلف بالله العظيم، وهو الصادق البار الراشد، أنه لم يكتب هذا الكتاب ولا أملاه على من كتبه، ولا علم به، فقالوا له: فان عليه خاتمك. فقال: إن الرجل قد يزور على خطه وخاتمه قالوا: فإنه مع غلامك وعلى جملك. فقال: والله لم أشعر بشيء من ذلك. فقالوا له - بعد كل مقالة - إن كنت قد كتبته فقد خنت، وإن لم تكن قد كتبته بل كتب على لسانك وأنت لا تعلم فقد عجزت، ومثلك لا يصلح للخلافة، إما لخيانتك، وإما لعجزك، وهذا الّذي قالوا باطل على كل تقدير فإنه لو فرض أنه كتب الكتاب، وهو لم يكتبه في نفس الأمر، لا يضره ذلك لأنه قد يكون رأى ذلك مصلحة للأمة في إزالة شوكة هؤلاء البغاة الخارجين على الامام، وأما إذا لم يكن قد علم به فأى

<<  <  ج: ص:  >  >>