والاعتراف لله بالخضوع والتوبة اليه والرجوع اليه للبث هنالك الى يوم القيامة. ولبعث من جوف ذلك الحوت. هذا معنى ما روى عن سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه. وقيل معناه ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ﴾ من قبل أخذ الحوت له ﴿مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ أي المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيرا قاله الضحاك بن قيس وابن عباس وأبو العالية ووهب بن منبه وسعيد بن جبير والضحاك والسدي وعطاء بن السائب والحسن البصري وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير ويشهد لهذا ما
رواه الامام أحمد وبعض أهل السنن عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال لي (يا غلام إني معلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرّف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
وروى ابن جرير في تفسيره والبزار في مسندة من حديث محمد بن إسحاق عمن حدثه عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله ﷺ«لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله الى الحوت أن خذ ولا تخدش لحما ولا تكسر عظما» فلما انتهى به الى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه ما هذا فأوحى الله اليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر * قال فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا (يا ربنا إنا نسمع صوتا بأرض غريبة) قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر * قالوا العبد الصالح الّذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح قال نعم * قال فشفعوا له عند ذلك فامر الحوت فقذفه في الساحل كما قال الله ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ هذا لفظ ابن جرير إسنادا ومتنا * ثم قال البزار لا نعلمه يروى عن النبي ﷺ إلا بهذا الاسناد كذا قال. وقد
قال ابن أبى حاتم في تفسيره حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن أخى ابن وهب حدثنا عمى حدثني أبو صخر أن يزيد الرقاشيّ حدثه سمعت أنس بن مالك ولا أعلم الا أن أنسا يرفع الحديث الى رسول الله ﷺ ان يونس النبي ﵇ حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال (اللهمّ ﴿لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ﴾ فأقبلت الدعوة تحن بالعرش فقالت الملائكة يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة فقال أما تعرفون ذاك. قالوا يا رب ومن هو قال عبدي يونس قالوا عبدك يونس الّذي لم يزل يرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة قالوا يا ربنا أولا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء قال بلى فامر الحوت فطرحه في العراء * ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب به زاد ابن أبى حاتم * قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث أنه سمع أبا هريرة يقول طرح بالعراء وأنبت الله عليه اليقطينة قلنا يا أبا هريرة وما اليقطينة قال شجرة الدباء قال أبو هريرة وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض أو قال هشاش الأرض. قال فتنفشخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت وقال أمية ابن أبى الصلت في ذلك بيتا من شعره.
فأنبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله أصبح ضاويا