للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبي وأمى، ولكن المستشار مؤتمن، سمعت من النبي يقول «إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب» وقد جعلنا الله إخوانا وحرم علينا دماءنا وأموالنا، فغضب عمار وسبه، وقال: يا أيها الناس، إنما قال له رسول الله وحده أنت فيها قاعدا خير منك قائما، فغضب رجل من بنى تميم لأبى موسى ونال من عمار، وثار آخرون، وجعل أبو موسى يكفكف الناس، وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، وقال أبو موسى أيها الناس، أطيعونى وكونوا خير قوم من خير أمم العرب، يأوى إليهم المظلوم، ويأمن فيهم الخائف، وإن الفتنة إذا أقبلت شبهت، وإذا أدبرت تبينت ثم أمر الناس بكف أيديهم ولزوم بيوتهم، فقام زيد بن صوحان فقال: أيها الناس سيروا إلى أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، سيروا إليه أجمعون، فقام القعقاع بن عمرو فقال: إن الحق ما قاله الأمير، ولكن لا بد للناس من أمير يردع الظالم ويعدى المظلوم، وينتظم به شمل الناس، وأمير المؤمنين على ملي بما ولى، وقد أنصف بالدعاء، وإنما يريد الإصلاح، فانفروا إليه، وقام عبد خير فقال: الناس أربع فرق، على بمن معه في ظاهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقة بالحجاز لا تقاتل ولا عناء بها، فقال أبو موسى: أولئك خير الفرق، وهذه فتنة. ثم تراسل الناس في الكلام ثم قام عمار والحسن بن على في الناس على المنبر يدعوان الناس إلى النفير إلى أمير المؤمنين، فإنه إنما يريد الإصلاح بين الناس، وسمع عمار رجلا يسب عائشة فقال: اسكت مقبوحا منبوحا، والله إنها لزوجة رسول الله في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها، رواه البخاري وقام حجر بن عدي فقال:

أيها الناس، سيروا إلى أمير المؤمنين، ﴿اِنْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ وجعل الناس كلما قام رجل فحرض الناس على النفير يثبطهم أبو موسى من فوق المنبر،

وعمار والحسن معه على المنبر حتى قال له الحسن بن على: ويحك! اعتزلنا لا أم لك، ودع منبرنا، ويقال إن عليا بعث الأشتر فعزل أبا موسى عن الكوفة وأخرجه من قصر الامارة من تلك الليلة، واستجاب الناس للنفير فخرج مع الحسن تسعة آلاف في البر وفي دجلة، ويقال سار معه اثنى عشر ألف رجل ورجل واحد، وقدموا على أمير المؤمنين فتلقاهم بذي قار إلى أثناء الطريق في جماعة، منهم ابن عباس فرحب بهم وقال: يا أهل الكوفة! أنتم لقيتم ملوك العجم ففضضتم جموعهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فان يرجعوا فذاك الّذي نريده، وإن أبو داويناهم، بالرفق حتى يبدؤنا بالظلم، ولم ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله تعالى. فاجتمعوا عنده بذي قار، وكان من المشهورين من رؤساء من انضاف إلى على، القعقاع بن عمرو، وسعد بن مالك، وهند بن عمرو، والهيثم بن شهاب، وزيد بن صوحان،

<<  <  ج: ص:  >  >>