للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأشتر، وعدي بن حاتم، والمسيب بن نجبة، ويزيد بن قيس، وحجر بن عدي وأمثالهم، وكانت عبد القيس بكمالها بين على وبين البصرة ينتظرونه وهم ألوف، فبعث على القعقاع رسولا إلى طلحة والزبير بالبصرة يدعوهما إلى الألفة والجماعة، ويعظم عليهما الفرقة والاختلاف، فذهب القعقاع إلى البصرة، فبدأ بعائشة أم المؤمنين، فقال: أي أماه! ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: أي بنىّ! الإصلاح بين الناس، فسألها أن تبعث إلى طلحة والزبير ليحضرا عندها، فحضرا فقال القعقاع:

إني سألت أم المؤمنين ما أقدمها؟ فقالت إنما جئت للإصلاح بين الناس، فقالا: ونحن كذلك قال:

فأخبراني ما وجه هذا الإصلاح؟ وعلى أي شيء يكون؟ فو الله لئن عرفناه لنصطلحن، ولئن أنكرناه لا نصطلحن، قالا: قتلة عثمان، فان هذا إن ترك كان تركا للقرآن، فقال: قتلتما قتلته من أهل البصرة، وأنتما قبل قتلهم أقرب منكم إلى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمائة رجل، فغضب لهم ستة آلاف فاعتزلوكم، وخرجوا من بين أظهركم، وطلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف، فان تركتموهم وقعتم فيما تقولون، وإن قاتلتموهم فأديلوا عليكم كان الّذي حذرتم وفرقتم من هذا الأمر أعظم مما أراكم تدفعون وتجمعون منه - يعنى أن الّذي تريدونه من قتل قتلة عثمان مصلحة، ولكنه يترتب عليه مفسدة هي أربى منها - وكما أنكم عجزتم عن الأخذ بأثر عثمان من حرقوص بن زهير، لقيام ستة آلاف في منعه ممن يريد قتله، فعلى أعذر في تركه الآن قتل قتلة عثمان، وإنما أخر قتل قتلة عثمان إلى أن يتمكن منهم، فان الكلمة في جميع الأمصار مختلفة، ثم أعلمهم أن خلقا من ربيعة ومضر قد اجتمعوا لحربهم بسبب هذا الأمر الّذي وقع. فقالت له عائشة أم المؤمنين، فماذا تقول أنت؟ قال:

أقول إن هذا الأمر الّذي وقع دواؤه التسكين، فإذا سكن اختلجوا، فان أنتم بايعتمونا فعلامة خير وتباشير رحمة، وإدراك الثأر، وإن أنتم أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر وائتنافه كانت علامة شر وذهاب هذا الملك، فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولا، ولا تعرضونا للبلاء.

فتتعرضوا له، فيصرعنا الله وإياكم، وايم الله إني لأقول قولي هذا وأدعوكم إليه، وإني لخائف أن لا يتم حتى يأخذ الله حاجته من هذه الأمة التي قل متاعها، ونزل بها ما نزل، فان هذا الأمر الّذي قد حدث أمر عظيم، وليس كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل، ولا القبيلة القبيلة. فقالوا: قد أصبت وأحسنت فارجع، فان قدم على وهو على مثل رأيك صلح الأمر، قال: فرجع إلى على فأخبره فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى على تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام على في الناس خطيبا فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه على الخليفة أبى بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان ثم حدث هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>