للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الّذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي منّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره.

ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معى أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس. فلما قال هذا اجتمع من رءوسهم جماعة كالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبإ المعروف بابن السوداء، وسالم بن ثعلبة، وغلاب بن الهيثم، وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابى ولله الحمد، فقالوا: ما هذا، الرأى وعلى والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غدا يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم؟ فقال الأشتر: قد عرفنا رأى طلحة والزبير فينا، وأما رأى على فلم نعرفه إلى اليوم، فان كان قد اصطلح معهم فإنما اصطلحوا على دمائنا، فان كان الأمر هكذا ألحقنا عليا بعثمان، فرضى القوم منا بالسكوت، فقال ابن السوداء، بئس ما رأيت، لو قتلناه قتلنا، فانا يا معشر قتلة عثمان في ألفين وخمسمائة وطلحة والزبير وأصحابهما في خمسة آلاف، لا طاقة لكم بهم، وهم إنما يريدونكم، فقال غلاب بن الهيثم دعوهم وارجعوا بنا حتى نتعلق ببعض البلاد فنمتنع بها، فقال ابن السوداء: بئس ما قلت، إذا والله كان يتخطفكم الناس، ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة لناس فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس ولا تدعوهم يجتمعون فيمن أنتم معه لا يجد بدا من أن يمتنع، ويشغل الله طلحة والزبير ومن معهما عما يحبون، ويأتيهم ما يكرهون، فأبصروا الرأى وتفرقوا عليه، وأصبح على مرتحلا ومر بعبد القيس فسار ومن معه حتى نزلوا بالزاوية، وسار منها يريد البصرة، وسار طلحة والزبير ومن معهما للقائه، فاجتمعوا عند قصر عبيد الله بن زياد، ونزل الناس كل في ناحية. وقد سبق على جيشه وهم يتلاحقون به، فمكثوا ثلاثة أيام والرسل بينهم، فكان ذلك للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، فأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة، من قتلة عثمان، فقالا: إن عليا أشار بتسكين هذا الأمر، وقد بعثنا إليه بالمصالحة على ذلك، وقام على في الناس خطيبا، فقام إليه الأعور بن نيار المنقري، فسأله عن إقدامه على أهل البصرة، فقال: الإصلاح وإطفاء الثائرة، ليجتمع الناس على الخير، ويلتئم شمل هذه الأمة، قال:

فان لم يجيبونا؟ قال: تركناهم ما تركونا، قال فان لم يتركونا؟ قال: دفعناهم عن أنفسنا، قال فهل لهم في هذا الأمر مثل الّذي لنا، قال: نعم! وقال إليه أبو سلام الدالاني فقال هل لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذه الدم، إن كانوا أرادوا الله في ذلك؟ قال: نعم! قال: فهل لك من حجة في تأخيرك ذلك؟ قال: نعم! قال فما حالنا وحالهم إن ابتلينا غدا؟ قال: إني لأرجو أن لا يقتل منا ومنهم أحد نقى قلبه لله إلا أدخله الله الجنة، وقال في خطبته: أيها الناس أمسكوا عن هؤلاء القوم أيديكم

<<  <  ج: ص:  >  >>