وألسنتكم، وإياكم أن يسبقونا غدا، فان المخصوم غدا مخصوم اليوم وجاء في غبون ذلك الأحنف بن قيس في جماعة فانضاف إلى على - وكان قد منع حرقوص بن زهير من طلحة والزبير وكان قد بايع عليا بالمدينة وذلك أنه قدم المدينة وعثمان محصور فسأل عائشة وطلحة والزبير: إن قتل عثمان من أبايع؟ فقالوا بايع عليا فلما قتل عثمان بايع عليا قال: ثم رجعت إلى قومي فجاءني بعد ذلك ما هو أفظع، حتى قال الناس هذه عائشة جاءت لتأخذ بدم عثمان، فحرت في أمرى لمن أتبع، فمنعني الله بحديث
سمعته من أبى بكر قال: قال رسول الله ﷺ وقد بلغه أن الفرس قد ملكوا عليهم ابنه كسرى فقال:
«لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وأصل هذا الحديث في صحيح البخاري، والمقصود أن الأحنف لما انحاز إلى على ومعه ستة آلاف قوس،
فقال لعلى: إن شئت قاتلت معك، وإن شئت كففت عنك عشرة آلاف سيف، فقال: اكفف عنا عشرة آلاف سيف، ثم بعث على إلى طلحة والزبير يقول:
إن كنتم على ما فارقتم عليه القعقاع بن عمرو فكفوا حتى ننزل فننظر في هذا الأمر، فأرسلا إليه في جواب رسالته: إنا على ما فارقنا القعقاع بن عمرو من الصلح بين الناس، فاطمأنت النفوس وسكنت، واجتمع كل فريق بأصحابه من الجيشين، فلما أمسوا بعث على عبد الله بن عباس إليهم، وبعثوا إليه محمد بن طليحة السجاد وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر وهم قريب من ألفى رجل فانصرف كل فريق إلى قراباتهم فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا طرقتنا أهل الكوفة ليلا، وبيتونا وغدروا بنا،
وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب على فبلغ الأمر عليا فقال: ما للناس؟ فقالوا، بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه ولبسوا للأمة وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدرا مقدورا وقامت الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان وقد اجتمع مع على عشرون ألفا، والتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفا، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ،﴾ والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادى على ينادى: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد، وجاء كعب بن سوار قاضى البصرة فقال: يا أم المؤمنين أدركى الناس لعل الله أن يصلح بك بين الناس، فجلست في هودجها فوق بعيرها وستروا الهودج بالدروع، وجاءت فوقفت بحيث تنظر إلى الناس عند حركاتهم، فتصاولوا وتجاولوا، وكان في جملة من تبارز الزبير وعمار، فجعل عمار ينخره بالرمح والزبير كاف عنه، ويقول له، أتقتلني يا أبا اليقظان؟ فيقول: لا يا أبا عبد الله، وإنما تركه الزبير
لقول رسول الله ﷺ:«تقتلك الفئة الباغية» وإلا فالزبير أقدر عليه منه عليه، فلهذا كف عنه، وقد كان من سنتهم في هذا اليوم أنه لا يذفف على