صُفُوفٍ وَمَعَهُمْ سِتَّةُ صُفُوفٍ آخَرِينَ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا أَحَدَ عَشَرَ صَفًّا أَيْضًا فَتَوَاقَفُوا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ صَفَرٍ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَكَانَ أَمِيرَ الْحَرْبِ يَوْمَئِذٍ لِلْعِرَاقِيِّينَ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ، وَأَمِيرَ الْحَرْبِ يَوْمَئِذٍ لِلشَّامِيِّينَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَاقْتَتَلُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا ثُمَّ تَرَاجَعُوا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِمْ وَقَدِ انْتَصَفَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَتَكَافَئُوا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ أَصْبَحُوا مِنَ الْغَدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَأَمِيرُ حَرْبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، وأمير الشاميين يومئذ أبا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا تَحْمِلُ الْخَيْلُ عَلَى الْخَيْلِ وَالرِّجَالُ عَلَى الرِّجَالُ ثُمَّ تَرَاجَعُوا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِمْ وَقَدْ صَبَرَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لِلْآخَرِ وَتَكَافَئُوا ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ- وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ- عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنْ نَاحِيَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَخَرَجَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي الشَّامِيِّينَ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا وَحَمَلَ عَمَّارٌ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْقِفِهِ وَبَارَزَ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الحارثي وكان على الخيالة رَجُلًا فَلَمَّا تَوَاقَفَا تَعَارَفَا فَإِذَا هُمَا أَخَوَانِ مِنْ أُمٍّ، فَانْصَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى قَوْمِهِ وَتَرَكَ صَاحِبَهُ، وَتَرَاجَعَ النَّاسُ مِنَ الْعَشِيِّ وَقَدْ صَبَرَ كُلُّ فَرِيقٍ لِصَاحِبِهِ، وَخَرَجَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ- وَهُوَ يَوْمُ السَّبْتِ- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ- وَهُوَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ- وَمَعَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ فخرج إليه في كَثِيرٍ مِنْ جِهَةِ الشَّامِيِّينَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا، وَبَرَزَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَطَلَبَ مِنَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَبْرُزَ إِلَيْهِ فَبَرَزَ إِلَيْهِ؟ فَلَمَّا كَادَا أَنْ يَقْتَرِبَا قَالَ عَلِيٌّ: مَنِ الْمُبَارِزُ؟ قَالُوا محمد ابنك وعبيد الله، فَيُقَالُ إِنَّ عَلِيًّا حَرَّكَ دَابَّتَهُ وَأَمَرَ ابْنَهُ أن يتوقف وتقدم إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: تَقَدَّمْ إِلَيَّ قال له: لَا حَاجَةَ لِي فِي مُبَارَزَتِكَ، فَقَالَ: بَلَى، فَقَالَ: لَا! فَرَجَعَ عَنْهُ عَلِيٌّ وَتَحَاجَزَ النَّاسُ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ- وَهُوَ يَوْمُ الْأَحَدِ- فِي الْعِرَاقِيِّينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَفِي الشَّامِيِّينَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، واقتتل النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ الْوَلِيدُ يَنَالُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو مِخْنَفٍ وَيَقُولُ: قتلتم خليفتكم ولم تنالوا ما طلبتم، وو الله إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُنَا عَلَيْكُمْ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَابْرُزْ إِلَيَّ فَأَبَى عَلَيْهِ وَيُقَالُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَاتَلَ يَوْمَئِذٍ قِتَالًا شَدِيدًا بِنَفْسِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ السادس- وهو يوم الاثنين- وعلى الناس من جهة العراقيين قيس بن سعد، ومن جهة أهل الشام بن ذِي الْكَلَاعِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا أَيْضًا وَتَصَابَرُوا ثُمَّ تَرَاجَعُوا، ثُمَّ خَرَجَ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ فِي اليوم السابع- وهو يوم الثلاثاء وخرج إليه قرنه حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا أَيْضًا وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدٌ أَحَدًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ كُلِّهَا. قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَعْيَنَ الْجُهَنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: حَتَّى مَتَى لَا نُنَاهِضُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ بِأَجْمَعِنَا؟ ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ عَشِيَّةَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لَا يُبْرَمُ مَا نَقَضَ وَمَا أَبْرَمَ لَمْ يَنْقُضْهُ النَّاقِضُونَ، لَوْ شَاءَ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا تَنَازَعَتِ الْأُمَّةُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَلَا جَحَدَ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فضله، وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الأقدار وألقت بَيْنَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَنَحْنُ مِنْ رَبِّنَا بمرأى ومسمع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute