ينادى فنهض عند ذلك معاوية وعمرو فعبيا الجيش ميمنة وميسرة، وبات على يعبى جيشه من ليلته، فجعل على خيل أهل الكوفة الأشتر النخعي، وعلى رجالتهم عمار بن ياسر، وعلى خيل أهل البصرة سهل بن حنيف، وعلى رجالتهم قيس بن سعد وهاشم بن عتبة، وعلى قرائهم سعد بن فدكي التميمي، وتقدم على إلى الناس أن لا يبدءوا واحدا بالقتال حتى يبدأ أهل الشام، وأنه لا يذفف على جريح ولا يتبع مدبر ولا يكشف ستر امرأة ولا تهان، وإن شتمت أمراء الناس وصلحاءهم وبرز معاوية صبح تلك الليلة وقد جعل على الميمنة ابن ذي الكلاع الحميري، وعلى الميسرة حبيب بن مسلمة الفهري، وعلى المقدمة أبا الأعور السلمي، وعلى خيل دمشق عمرو بن العاص، وعلى رجالتهم الضحاك بن قيس. ذكره ابن جرير.
وروى ابن ديزيل من طريق جابر الجعفي عن أبى جعفر الباقر ويزيد بن الحسن بن على وغيرهما.
قالوا: لما بلغ معاوية سير على سار معاوية نحو على واستعمل على مقدمته سفيان بن عمرو أبا الأعور السلمي وعلى الساقة بسر بن أبى أرطاة حتى توافقوا جميعا سائرين إلى جانب صفين. وزاد ابن الكلبي فقال: جعل على المقدمة أبا الأعور السلمي، وعلى الساقة بسرا، وعلى الخيل عبيد الله بن عمر ودفع اللواء إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وجعل على الميمنة حبيب بن مسلمة، وعلى رجالتها يزيد بن زحر العنسيّ، وعلى الميسرة عبد الله بن عمرو بن العاص، وعلى رجالتها حابس بن سعد الطائي، وعلى خيل دمشق الضحاك بن قيس وعلى رجالتهم يزيد بن لبيد بن كرز البجلي، وجعل على أهل حمص ذا الكلاع وعلى أهل فلسطين مسلمة بن مخلد وقام معاوية في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! والله ما أصبت الشام إلا بالطاعة ولا أضبط حرب أهل العراق إلا بالصبر ولا أكابد أهل الحجاز إلا باللطف، وقد تهيأتم وسرتم لتمنعوا الشام وتأخذوا العراق، وسار القوم ليمنعوا العراق ويأخذوا الشام ولعمري اما للشام رجال العراق ولا أموالها، ولا للعراق خبرة أهل الشام ولا بصائرها، مع أن القوم وبعدهم أعدادهم، وليس بعدكم غيركم فان غلبتموهم لم تغلبوا إلا من أناتكم وإن غلبوكم غلبوا من بعدكم والقوم لاقوكم بكيد أهل العراق، ورقة أهل اليمن وبصائر أهل الحجاز، وقسوة أهل مصر، وإنما ينصر غدا من ينصر اليوم و ﴿اِسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاِصْبِرُوا﴾ ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ﴾ وقد بلغ عليا خطبة معاوية فقام في أصحابه فحرضهم على الجهاد ومدحهم بالصبر وشجعهم بكثرتهم بالنسبة إلى أهل الشام، قال جابر الجعفي عن أبى جعفر الباقر وزيد بن أنس وغيرهما قالوا:
سار على في مائة وخمسين ألفا من أهل العراق وأقبل معاوية في نحو منهم من أهل الشام. وقال غيرهم:
أقبل على في مائة ألف أو يزيدون، وأقبل معاوية في مائة ألف وثلاثين ألفا - رواها ابن ديزيل في كتابه - وقد تعاقد جماعة من أهل الشام على أن لا يفروا فعقلوا أنفسهم بالعمائم، وكان هؤلاء خمسة