للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الله الصفار ثنا الأسقاطي ثنا أبو مصعب ثنا يوسف بن الْمَاجِشُونُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ مَوْلَاةٍ لِعَمَّارٍ قَالَتْ: «اشْتَكَى عَمَّارٌ شَكْوَى أَرِقَ مِنْهَا فَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ وَنَحْنُ نَبْكِي حَوْلَهُ، فَقَالَ: مَا تَبْكُونَ؟ أَتَخْشَوْنَ أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي؟ أَخْبَرَنِي حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَقْتُلُنِي الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، وَأَنَّ آخِرَ زَادِي مِنَ الدُّنْيَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ» وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَجَعَلْنَا نَنْقُلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَتَتَرَّبَ رَأْسُهُ قَالَ: فَحَدَّثَنِي أصحابى ولم أسمعه من رسول الله أَنَّهُ جَعَلَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» تَفَرَّدَ بِهِ أحمد وما زاده الروافض في هذا الحديث بعد قوله الباغية «لا أنا لها والله شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُوَ كَذِبٌ وَبَهْتٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وسلامه بتسمية الفريقين مسلمين، كما سنورده قريبا إن شاء الله. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ عَمَّارًا لَمَّا قُتِلَ قَالَ عَلِيٌّ لِرَبِيعَةَ وَهَمْدَانَ: أَنْتُمْ دِرْعِي وَرُمْحِي، فَانْتُدِبَ لَهُ نَحْوٌ مِنَ اثْنَيْ عشر ألفا، وتقدمهم على ببلغته فَحَمَلَ وَحَمَلُوا مَعَهُ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَبْقَ لِأَهْلِ الشَّامِ صَفٌّ إِلَّا انْتَقَضَ وَقَتَلُوا كُلَّ مَنِ انْتَهَوْا إِلَيْهِ حَتَّى بَلَغُوا مُعَاوِيَةَ وَعَلِيٌّ يُقَاتِلُ وَيَقُولُ:

أَضْرِبُهُمْ وَلَا أَرَى مُعَاوِيَةْ ... الجاحظ العين عظيم الحاوية

قال: ثم دعي عَلِىٌّ مُعَاوِيَةَ إِلَى أَنْ يُبَارِزَهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بالخروج إليه عمرو بن العاص فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُبَارِزْهُ رَجُلٌ قَطُّ إِلَّا قَتَلَهُ، وَلَكِنَّكَ طَمِعْتَ فيها بعدي، ثم قدم على ابنه محمد فِي عِصَابَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَاتَلُوهُ قِتَالًا شديدا ثم تبعه عَلِيٌّ فِي عِصَابَةٍ أُخْرَى، فَحَمَلَ بِهِمْ فَقَتَلَ في هذا الموطن خلق كثير من الفريقين لا يعلمهم إلا الله وَقُتِلَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَيْضًا، وَطَارَتْ أَكُفٌّ وَمَعَاصِمُ وَرُءُوسٌ عَنْ كَوَاهِلِهَا، رَحِمَهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ حَانَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَمَا صَلَّى بِالنَّاسِ إِلَّا إِيمَاءً صَلَاتَيِ الْعِشَاءِ وَاسْتَمَرَّ الْقِتَالُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ كُلِّهَا وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ اللَّيَالِي شَرًّا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُسَمَّى هَذِهِ اللَّيْلَةُ لَيْلَةَ الهرير، وكانت ليلة الجمعة تقصفت الرماح ونفذت النِّبَالُ، وَصَارَ النَّاسُ إِلَى السُّيُوفِ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَرِّضُ الْقَبَائِلَ، وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِمْ يَأْمُرُ بِالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ وَهُوَ أَمَامَ النَّاسِ فِي قَلْبِ الجيش، وعلى الميمنة الأشتر، تَوَلَّاهَا بَعْدَ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلٍ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ- وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ ابْنُ عباس، والناس يقتتلون من كل جانب فذكر غير واحد من علمائنا عُلَمَاءِ السِّيَرِ- أَنَّهُمُ اقْتَتَلُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّفَتْ، وَبِالنِّبَالِ حَتَّى فَنِيَتْ، وَبِالسُّيُوفِ حَتَّى تَحَطَّمَتْ ثُمَّ صَارُوا إِلَى أَنْ تَقَاتَلُوا بِالْأَيْدِي وَالرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ والتراب في الوجوه، وتعاضوا بالأسنان يَقْتَتِلُ الرَّجُلَانِ حَتَّى يُثْخِنَا ثُمَّ يَجْلِسَانِ يَسْتَرِيحَانِ، وكل واحد منهما يهمر على الآخر ويهمر عليه ثم يقومان فيقتتلان كما كانا، ف إِنَّا لِلَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>