وقد تقدم ذلك في فضائل الشيخين ﵄ وأرضاهما. قال الامام أحمد: حدثنا سليمان بن داود ثنا أبو عوانة عن أبى بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: «أول من صلى - وفي رواية أسلم - مع رسول الله بعد خديجة على بن أبى طالب» ورواه الترمذي من حديث شعبة عن أبى بلج به وقد روى عن زيد بن أرقم وأبى أيوب الأنصاري أنه صلى قبل الناس بسبع سنين وهذا لا يصح من أي وجه كان روى عنه. وقد ورد في أنه أول من أسلم من هذه الأمة أحاديث كثيرة لا يصح منها شيء، وأجود ما في ذلك ما ذكرنا. على أنه قد خولف فيه وقد اعتنى الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر في تاريخه بتطريق هذه الروايات، فمن أراد كشف ذلك فعليه بكتابه التاريخ والله الموفق للصواب. وقد روى الترمذي والنسائي عن عمرو بن مرة عن طلحة بن زيد عن زيد ابن أرقم قال:«أول من أسلم على» قال الترمذي: حسن صحيح. وصحب على رسول الله ﷺ مدة مقامه بمكة، وكان عنده في المنزل وفي كفالته في حياة أبيه لفقر حصل لأبيه في بعض السنين مع كثرة العيال، ثم استمر في نفقة رسول الله ﷺ بعد ذلك إلى زمن الهجرة، وقد خلفه رسول الله ﷺ ليؤدى ما كان عنده ﵇ من ودائع الناس، فإنه كان يعرف في قومه بالأمين، فكانوا يودعونه الأموال والأشياء النفيسة ثم هاجر على بعد رسول الله ﷺ وصحب رسول الله ﷺ إلى أن توفى وهو راض عنه وحضر معه مشاهده كلها وجرت له مواقف شريفة بين يديه في مواطن الحرب كما بينا ذلك في السيرة بما أغنى عن إعادته هاهنا، كيوم بدر وأحد والأحزاب وخيبر وغيرها،
ولما استخلفه عام تبوك على أهله بالمدينة قال:«أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي» وقد ذكرنا تزويجه فاطمة بنت رسول الله ودخوله بها بعد وقعة بدر بما أغنى عن إعادته.
ولما رجع ﵇ من حجة الوداع فكان بين مكة والمدينة بمكان يقال له غدير خم خطب الناس هنالك في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة فقال في خطبته:«من كنت مولاه فعلى مولاه» وفي بعض الروايات: «اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» والمحفوظ الأول، وإنما كان سبب هذه الخطبة والتنبيه على فضله ما ذكره ابن إسحاق من أن عليا لما بعثه رسول الله ﷺ إلى اليمن أميرا هو وخالد بن الوليد ورجع على فوافى رسول الله ﷺ بمكة في حجة الوداع وقد كثرت فيه المقالة وتكلم فيه بعض من كان معه بسبب استرجاعه منهم خلعا كان خلعها نائبة عليهم لما تعجل السير إلى رسول الله ﷺ، فلما تفرغ رسول الله من حجة الوداع أحب أن يبرئ ساحة على مما نسب إليه من القول الّذي لا أصل له، وقد اتخذت الروافض هذا اليوم عيدا، فكانت تضرب فيه الطبول ببغداد في أيام بنى بويه في حدود الأربعمائة كما سننبه عليه إذا انتهينا إليه إن شاء الله. ثم بعد ذلك بنحو من عشرين يوما تعلق المسوح على أبواب